للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شعره. وأبين من ذلك كله لين شكير «١» ناصيته وعرفه.

وكانوا يقولون: إذا اشتد نفسه، ورحب متنفّسه، وطال عنقه، واشتد حقوه، وانهرت شدقه، وعظمت فخذاه، وانشبخت «٢» أنساؤه، وعظمت فصوصه، وصلبت حوافره ووقحت: ألحق بجياد الخيل.

قيل لرجل من بني أسد: أتعرف الفرس الكريم من المقرف «٣» ؟ قال نعم: أما الكريم فالجواد الجيد، الذي نهز نهز العير «٤» ، وأنّف تأنيف السّير، الذي إذا عدا اسلهب «٥» ، وإذا قيّد اجلعبّ «٦» ، وإذا انتصب اتلأبّ «٧» .

وأما المقرف فإنه الذّلول الحجبة، الضخم الأرنبة، الغليظ الرقبة، الكثير الجلبة، الذي إذا أرسلته قال أمسكني، وإذا أمسكته قال أرسلني.

وكان محمد بن السائب الكلبي يحدث أنّ الصّافنات «٨» الجياد المعروضة على سليمان ابن داود عليهما السلام كانت ألف فرس ورثها عن أبيه، فلما عرضت عليه ألهته عن صلاة العصر حتى توارث الشمس بالحجاب، فعرقبها إلا أفراسا لم تعرض عليه، فوفد أقوام من الأزد، وكانوا أصهاره، فلما فرغوا من حوائجهم، قالوا: يا نبيّ الله، إنّ أرضنا شاسعة فزوّدنا زادا يبلّغنا. فأعطاهم فرسا من تلك الخيل، وقال: إذا نزلتم منزلا فاحملوا عليه غلاما واحتطبوا؛ فإنكم لا تورون ناركم حتى يأتيكم بطعامكم. فساروا بالفرس، فكانوا لا ينزلون منزلا إلا ركبه أحدهم للقنص فلا يفلته شيء وقعت عينه من ظبي أو بقر أو حمار، إلى أن قدموا إلى بلادهم فقالوا:

«ما فرسنا إلا زاد الراكب، فسموه زاد الراكب، فأصل فحول العرب من نتاجه.