للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنت مخبري كيف قتل عثمان: ما كان شأن الناس وشأنه، ولم خذله أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم؟

فقال: قتل عثمان مظلوما، ومن قتله كان ظالما، ومن خذله كان معذورا.

قلت: وكيف ذاك؟

قال: إن عثمان لما ولي كره ولايته نفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ لأن عثمان كان يحب قومه، فولي الناس اثنتي عشرة سنة، وكان كثيرا ما يولّي بني أمية، ممن لم يكن له من رسول الله صلّى الله عليه وسلم صحبة، وكان يجيء من أمرائه ما ينكره أصحاب محمد، فكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم؛ فلما كان في الحجج الآخرة استأمر بني عمه فخرجوا، فولاهم وأمرهم بتقوى الله وولى عبد الله بن أبي سرح مصر، فمكث عليها سنين، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلمون منه. ومن قبل ذلك كانت من عثمان هناة إلى عبد الله بن مسعود، وأبي ذر، وعمار بن ياسر، فكانت هذيل وبنو زهرة في قلوبهم ما فيها لابن مسعود، وكانت بنو غفار وأحلافها ومن غضب لأبي ذر في قلوبهم ما فيها، وكانت بنو مخزوم قد حنقت على عثمان بما نال عمار بن ياسر، وجاء أهل مصر يشكون من ابن سرح، فكتب إليه عثمان كتابا يتهدد، فأبى ابن سرح أن يقبل ما نهاه عثمان عنه، وضرب رجلا ممن أتى عثمان فقتله، فخرج من أهل مصر سبعمائة رجل إلى المدينة، فنزلوا المسجد، وشكوا إلى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي سرح؛ فقام طلحة بن عبيد الله فكلم عثمان بكلام شديد، وأرسلت إليه عائشة: قد تقدم إليك أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت أن تعزله، فهذا قد قتل منهم رجلا؛ فأنصفهم من عاملك. ودخل عليه عليّ وكان متكلّم القوم. فقال: إنما سألوك رجلا مكان رجل، وقد ادّعوا قبله دما؛ فاعزله عنهم، واقض بينهم، وإن وجب عليه حق فأنصفهم منه. فقال لهم:

اختاروا رجلا أولّه عليكم مكانه. فأشار الناس عليه بمحمد بن أبي بكر فقالوا:

استعمل علينا محمد بن أبي بكر. فكتب عهده وولّاه، وأخرج معهم عدة من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر وابن أبي سرح، فخرج محمد ومن معه؛ فلما كان