للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصّعدات. فقال الحصينان لمن معهما: قد امكننا الله من ثأرنا، ولا نريد أن يشركنا فيه أحد. فوقفوا عنهما، ومضيا فجعلا يريغان رياح بن الأسل بالصّعدات، فقال لهما رياح: هذا غزالكما الذي تريغانه «١» . فابتدراه، فرمى أحدهما بسهم فأقصده «٢» ، وطعنه الآخر قبل أن يرميه فأخطأه، ومرت به الفرس، واستدبره رياح بسهم فقتله، ثم نجا حتى أتى قومه، وانصرفوا خائبين موتورين «٣» ، وفي ذلك يقول الكميت بن زيد الأسدي، وكان له أمّان من غنيّ:

أنا ابن غنّى والدي ... لأمين منهم في الفروع وفي الأصل

هم استودعوا زهرا بسيب بن سالم ... وهم عدلوا بين الحصينين بالنّبل

وهم قتلوا شاس الملوك وأرغموا ... أباه زهيرا بالمذلّة والثّكل «٤»

[يوم النفراوات: لبني عامر على بني عبس]

فيه قتل زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي، وكانت هوازن تؤدّي إليه إتاوة، وهي الخراج، فأتته يوما عجوز من بني نصر بن معاوية بسمن في نحي «٥» واعتذرت إليه وشكت سنين تتابعت على الناس، فذاقه فلم يرض طعمه، فدعسها «٦» بقوس في يده عطل في صدرها، فاستلقت على قفاها منكشفة، فتألّى خالد بن جعفر، وقال:

والله لأجعلن ذراعي في عنقه حتى يقتل أو أقتل! وكان زهير عدوسا مقداما لا يبالي ما أقدم عليه، فاستقل- أي انفرد من قومه- بابنيه وبني أخويه أسيد وزنباع، يرعى الغيث في عشراوات «٧» له وشول «٨» فأتاه الحارث بن الشّريد، وكانت تماضر بنت الشريد تحت زهير، فلما عرف الحارث مكانه أنذر بني عامر بن صعصعة، رهط خالد