للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلّة رجوع العداوة، كالماء تسخّنه فإذا أمسكت عنه عاد إلى أصله باردا والشجرة المرّة لو طليتها بالعسل لم تثمر إلا مرّا.

وقال دريد:

وما تخفى الضغينة حيث كانت ... ولا النّظر المريض من الصحيح

وقال زهير:

وما يك في صديق أو عدوّ ... تخبّرك العيون عن القلوب

وقيل لزياد: ما السرور؟ قال: من طال عمره حتى يرى في عدوه ما يسرّه.

[باب من أخبار الأزارقة]

كان أول من خرج من الخوارج بعد قتل عليّ رضي الله عنه، حوثرة الأقطع؛ فإنه خرج إلى النّخيلة واجتمع إليه جماعة من الخوارج، ومعاوية بالكوفة، وقد بايعه الحسن والحسين وقيس بن سعد بن عبادة؛ ثم خرج الحسن يريد المدينة؛ فوجه إليه معاوية وقد تجاوز في طريقه، يسأله أن يكون المتولّي لمحاربتهم. فقال الحسن عليه السلام: والله لقد كففت عنك لحقن دماء المسلمين، وما أحسب ذلك يسعني؛ فكيف أن أقاتل قوما أنت أولى بالقتال منهم؟ فلما رجع الجواب إليه وجّه إليهم جيشا أكثره من أهل الكوفة، ثم قال لأبي حوثرة. تقدّم فاكفني أمر ابنك. فسار إليه أبوه، فدعاه إلى الرجوع، فأبى، فداوره فصمّم. فقال له: أي بنيّ، أجيئك بابنك لعلّك تراه فتحنّ إليه! فقال له: يا أبت، أنا والله إلى طعنة نافذة أتقلّب فيها على كعوب الرمح أشوق مني إلى ابني. فرجع إلى معاوية فأخبره، فقال: يا أبا حوثرة، جار هذا جدا. فلما نظر حوثرة إلى أهل الكوفة قال: يا أعداء الله! أنتم بالأمس تقاتلون معاوية لتهدّوا سلطانه. واليوم تقاتلون معه لتشدّوا سلطانه؟ ثم جعل يشدّ عليهم ويقول:

احمل على هذي الجموع حوثرة ... فعن قريب ستنال المغفرة