للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمركم، وإنما كان قوامكم أسيفا وعسيفا- يريد العبد والاجير- وصرتم اليوم إنما ترعى لكم بناتكم، فليعرض عليّ كلّ رجل منكم رأيه وما يحضره، فاني متى أسمع الحزم أعرفه. فقال كل رجل منهم ما رأى، وأكثم ساكت لا يتكلم، حتى قام النعمان ابن الحسحاس، فقال: يا قوم، انظروا ماء يجمعكم ولا يعلم الناس بأي ماء أنتم، حتى تنفرج الحلقة عنكم وقد جممتم «١» وصلحت أحوالكم وانجبر كسيركم وقوي ضعيفكم، ولا أعلم ماء يجمعكم إلا قدّة «٢» ، فارتحلوا وانزلوا قدّة. وهو موضع يقال له الكلاب، فلما سمع أكثم بن صيفي كلام النعمان، قال: هذا هو الرأي! فارتحلوا حتى نزلوا الكلاب، وبين أدناه وأقصاه مسيرة يوم، وأعلاه مما يلي اليمن، وأسفله مما يلي العراق، فنزلت سعد الرّباب بأعلى الوادي، ونزلت حنظلة بأسفله.

قال أبو عبيدة: وكانوا لا يخافون أن يغزوا في القيظ، ولا يسافر فيه أحد، ولا يستطيع أحد ان يقطع تلك الصحارى، لبعد مسافتها، وليس بها ماء! ولشدة حرها.

فأقاموا بقية القيظ لا يعلم أحد بمكانهم! حتى إذا تهور القيظ- أي ذهب- بعث الله ذا العينين، وهو من أهل مدينة هجر، فمر بقدة وصحرائها، فرأى ما بها من النعم، فانطلق حتى أتى أهل هجر. فقال لهم: هل لكم في جارية عذراء، ومهرة شوهاء «٣» ، وبكرة «٤» حمراء، ليس دونها نكبة؟ فقالوا: ومن لنا بذلك؟ قال: تلكم تميم ألقاء مطروحون بقدّة. قالوا: إي والله! فمشي بعضهم إلى بعض، وقالوا: اغتنموها من بني تميم! فأخرجوا منهم أربعة أملاك، يقال لهم اليزيديون: يزيد بن هوبر، ويزيد بن عبد المدان، ويزيد بن المأمور، ويزيد بن المخرم، وكلهم حارثيون، ومعهم عبد يغوث الحارثي، فكان كل