للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتفرّقوا بعد الجميع لأنّه ... لا بدّ ان يتفرّق الجيران

لا تصبر الإبل الجياد تفرّقت ... بعد الجميع، ويصبر الإنسان!

وقال آخر:

فهل ريبة في أن تحنّ نجيبة ... إلى إلفها أو أن يحنّ نجيب «١»

وإذا رجعت الإبل الحنين كان ذلك أحسن صوت يهتاج له المفارقون كما يهتاجون لنوح الحمام.

وقال عوف بن محلّم:

ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر ... وغصنك ميّاد ففيم تنوح؟ «٢»

وكل مطوّقة عند العرب حمامة، كالدّبسي والقمري والورشان وما أشبه ذلك؛ وجمعها حمام، ويقال: حمامة، للذكر والانثى، كما يقال: بطة، للذكر والانثى؛ ولا يقال حمام إلّا في الجمع، والحمامة تبكي وتغني وتنوح وتغرد وتسجع وتقرقر وتترنم؛ وإنما لها أصوات سجيع لا تفهم فيجعله الحزين بكاء، ويجعله المسرور غناء.

قال حميد بن ثور:

وما هاج هذا الشوق الا حمامة ... دعت ساق حرّ ترحة وترنما

مطوّقة خطباء تسجع كلّما ... دنا الصّيف وانزاح الربيع فأنجما»

تغنّت على غصن عشاء فلم تدع ... لنائحة في نوحها متلوّما

فلم أر مثلي شاقه صوت مثلها ... ولا عربيا شاقه صوت أعجما

وقال مجنون بني عامر:

ألا يا حمامات اللّوى عدن غدوة ... فإني الى اصواتكنّ حزين

فعدن، فلما عدن كدن يمتني ... وكدت بأشجاني لهنّ أبين