للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغناء فإنما هو من طريق أهل العراق، وقد ذكرنا أنهم يكرهونه.

[لابن جريج وابن عبيد]

قال إسحاق بن عمارة: حدثني ابو المغلس عن أبي الحارث، قال: اختلف في الغناء عند محمد بن ابراهيم والي مكة، فأرسل إلى ابن جريح وإلى عمرو بن عبيد، فأتياه، فسألهما، فقال ابن جريج: لا بأس به، شهدت عطاء بن أبي رباح في ختان ولده وعنده ابن سريج المغني، فكان إذا غنى لم يقل له اسكت، وإذا سكت لم يقل له غنّ، وإذا لحن ردّ عليه. وقال عمرو بن عبيد: أليس الله يقول ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

«١» ، فأيهما يكتب الغناء، الذي عن اليمين أو الذي عن الشمال؟ فقال ابن جريج: لا يكتبه واحد منهما؛ لانه لغو كحديث الناس فيما بينهم من أخبار جاهليتهم وتناشد أشعارهم.

[لابي يوسف]

قال اسحاق: وحدثني إبراهيم بن سعد الزمري قال: قال أبو يوسف القاضي: ما أعجب امركم يأهل المدينة في هذه الاغاني! ما منكم شريف ولا دنيء يتحاشى عنها! قال: فغضبت وقلت: قاتلكم الله يأهل العراق! ما أوضح جهلكم وأبعد من السداد رأيكم! متى رأيت أحدا سمع الغناء فظهر منه ما يظهر من سفهائكم هؤلاء الذين يشربون المسكر فيترك أحدهم صلاته، ويطلق امرأته، ويقذف «٢» المحصنة من جاراته، ويكفر بربه؛ فأين هذا من هذا؟ من اختار شعرا جيدا ثم اختار جرما حسنا فردّده عليه فأطربه وأبهجه فعفا عن الجرائم، وأعطى الرغائب ... ؟ فقال أبو يوسف: قطعتني! ولم يحر جوابا.

[الرشيد والزهري]

قال إسحاق: وحدّثني ابراهيم بن سعد الزهري قال: قال لي الرشيد: من بالمدينة