للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بوجهه، وقال: أمر ما جاء بك أبا حنيفة! قال: نعم، أصلح الله الامير، جار لي من الكيالين، أخذه عسس الامير ليلة كذا، فوقع في حبسك. فأمر عيسى باطلاق كل من أخذ في تلك الليلة، إكراما لابي حنيفة؛ فأقبل الكيال على أبي حنيفة متشكرا له، فلما رآه أبو حنيفة قال: أضعناك يا فتى؟ يعرّض له بقصيدته؛ قال: لا والله، ولكنك بررت وحفظت.

[الدارمي وتاجر عراقي]

: الاصمعي قال: قدم عراقي بعدل «١» من خمر العراق الى المدينة، فباعها كلها إلا السود، فشكا ذلك الى الدارمي، وكان قد تنسك وترك الشعر ولزم المسجد فقال: ما تجعل لي على أن أحتال لك بحيلة حتى تبيعها كلّها على حكمك؟ قال: ما شئت!! قال: فعمد الدارمي إلى ثياب نسكه! فألقاها عنه وعاد إلى مثل شأنه الاول، وقال شعرا ورفعه إلى صديق له من المغنين، فغنى به وكان الشعر:

قل للمليحة في الخمار الاسود ... ماذا فعلت بزاهد متعبّد «٢»

قد كان شمّر للصلاة ثيابه ... حتى خطرت له بباب المسجد

ردّي عليه صلاته وصيامه ... لا تقتليه بحقّ دين محمد

فشاع هذا الغناء في المدينة: وقالوا: قد رجع الدارمي وتعشق صاحبة الخمار الاسود. فلم تبق مليحة بالمدينة الا اشترت خمارا اسود، وباع التاجر جميع ما كان معه؛ فجعل إخوان الدارمي من النساك يلقون الدارمي فيقولون: ماذا صنعت؟

فيقول: ستعلمون نبأه بعد حين. فلما أنفذ العراقي ما كان معه، رجع الدارمي إلى نسكه ولبس ثيابه.

[عروة بن أذينة]

: وحدث عبد الله بن مسلم بن قتيبة ببغداد، قال: حدثني سهل عن الأصمعي قال: