للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لي: ادخل. فدخلت ودمعها يتحدّر كالجمان في خدها، فطمعت بها؛ فقلت:

هذي عنان أسبلت دمعها ... كالدرّ إذ ينسل من خيطه

ثم قلت: أجيزي. فقالت:

فليت من يضربها ظالما ... تجفّ كفّاه على سوطه

فقلت لها: إن لي حاجة. فقالت: هاتها، فمن سببك أوذينا! قلت لها: بيت وجدته على ظهر كتابي، لم أقرضه ولم أقدر على إجازته. قالت: قل: فأنشدتها:

فما زال يشكو الحبّ حتى حسبنه ... تنفّس من أحشائه فتكلما

قال: فأطرقت ساعة ثم أنشدت:

ويبكي فأبكي رحمة لبكائه ... إذا ما بكي دمعا بكيت له دما!

قلت لها: فما عندك في اجازة هذا البيت:

بديع حسن بديع صدّ ... جعلت خدّي له ملاذا

فأطرقت ساعة ثم قالت:

فعاتبوه فعنّفوه ... فأوعدوه، فكان ماذا ... ؟

[أبو نواس وعنان]

وجلس أبو نواس إلى عنان، فقالت: كيف علمك بالعروض وتقطيع الشعر يا حسن؟ قال: جيد. قالت تقطع هذا البيت:

أكلت الخردل الشا ... ميّ في صفحة خبّاز

فلما ذهب يقطّعه ضحكت به وأضحكت، فأمسك عنها وأخذ في ضروب من الاحاديث؛ ثم عاد سائلا لها، فقال: كيف علمك بالعروض؟ قالت: حسن يا حسن فقال: قطعي هذا البيت:

حوّلوا عنّا كنيستكم ... يا بني حمّالة الحطب