للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شاطىء دجلة في وقت الخريف، فإذا بغلام كنت أعرفه بجمال، قد تجرد من ثيابه وألقى نفسه في الدجلة يسبح فيها، وقد احمرّ جلده من برد الماء؛ وإذا مان الموسوس يرمقه ببصره، فلما خرج من الماء قال:

خمش الماء جلده الرطب حتى ... خلته لابسا غلالة خمر «١»

قلت له: لعنك الله يا ماني! أبعد الجهاد والغزو تحبّ غلاما قد بات مؤخرا في الحانات؟ فقال لي: ليس مثلك يخاطب يا أحمق، وإنما يخاطب هذا وأشار إلى السماء، وقال:

بكفّيك تقليب القلوب وإنني ... لفي ترح ممّا ألاقي فما ذنبي؟

خلقت وجوها كالمصابيح فتنة ... وقلت اهجر وها عزّ ذلك من خطب! «٢»

فإما أبحت الصبّ ما قد خلقته ... وإما زجرت القلب عن لوعة الحب!

أخذ هذا المعنى يزيد بن عثمان فقال:

أيا ربّ تخلق ما تخلق ... وتنهي عبادك أن يعشقوا؟

إلهي، خلقت حسان الوجوه ... فأيّ عبادك لا يعشق

وقال أبو بكر الموسوس في نصراني:

أبصرت شخصك في نومي يعانقني ... كما تعانق لام الكاتب الألفا

يا من إذا درس الإنجيل ظلّ له ... قلب الحنيف عن الإسلام منصرفا!

وله فيه:

زنّاره في خصره معقود ... كأنه من كبدي مقدود

[أخبار البخلاء]

[بخل أهل مرو، ولأبن أشرس فيهم]

: أجمع الناس على بخل أهل مرو، ثم أهل خراسان.