للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدماغ هو معدن العقل، وحاسة الحواس وبه قوام البدن، وفيه يقول الشاعر:

إذا نزعوا رأسي، وفي الرأس أكثري ... وغودر عند الملتقى ثمّ سائري ...

[لاعرابي في الرأس]

وقيل لاعرابي: اتحسن أن تأكل الرأس؟ قال: نعم؛ أعض العينين، وأفك لحييه، وأنقي خديه، وأرمي بالدماع إلى من هو أحق مني، وكانوا يكرهون أكل الدماغ، ولذا يقول قائلهم.

ولا أبتغي المخّ الذي في الجماجم

[نصيحة ابي عبد الرحمن لابنه]

وكان أبو عبد الرحمن يجلس مع ابنه يوم الرأس ويقول له: إياك ونهم الصبيان وبغر»

السباع، واخلاق النوائح، ونهش الاعراب، وكل ما بين يديك، فإنما حظك منه ما قابلك، واعلم أنه إذا كان في الطعام شيء ظريف، من لقمة كريمة، او مضغة شهية، فانما ذلك للشيخ المعظم، والصبي المدلل، ولست بواحد منهما، وقد قالوا.

مدمن اللحم كمد من الخمر؛ أي بنيّ، لا تخضم خضم البراذين، ولا تدمن الأكل إدمان النعاج، ولا تلقم لقم الجمال، ولا تنهش نهش السباع، وعوّد نفسك الأثرة «٢» ، ومجاهدة الهوى والشهوة؛ فإن الله جعلك إنسانا فلا تجعل نفسك بهيمة، واحذر سرعة الكظة وسرف البطنة، فقد قال بعض الحكماء: إذا كنت نهما فعدّ نفسك من الزّمنى؛ واعلم أن الشّبع داعية البشم، والبشم داعية السقم، والسقم داعية الموت. ومن مات هذه الميتة فقد مات ميتة لئيمة؛ لانه قاتل نفسه، وقاتل نفسه الأم من قاتل غيره أي بني، والله ما أدى حق الركوع والسجود ذو كظة ولا خشع لله ذو بطنة، والصوم صحة؛ والوجبات عيش الصالحين أي بني، لأمر ما طالت أعمار الرهبان، وصحت