للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعيب العيب أن تعيب ما ليس بعيب، وقبيح أن تنهي مرشدا وأن تغري بمشفق.

وما أردنا بما قلنا إلا هدايتكم وتقويمكم، وإصلاح فاسدكم، وإبقاء النعمة عليكم، ولئن أخطأنا سبيل إرشادكم فما أخطأنا سبيل حسن النية فيما بيننا وبينكم؛ وقد تعلمون أنا ما أوصيناكم إلا بما اخترناه لكم، ولأنفسنا قبلكم وشهرنا به في الآفاق دونكم؛ ثم نقول في ذلك ما قال العبد الصالح لقومه: وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ، إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ

«١» ؛ فما كان أحقنا بكم في حرمتنا بكم أن ترعوا حقّ قصدنا بذلك إليكم على ما رعيناه من واجب حقكم، فلا العذر المبسوط بلغتم ولا بواجب الحرمة قمتم، ولو كان ذكر العيوب برّا وفخرا لرأينا في أنفسنا عن ذلك شغلا.

عبتموني بقولي لخادمي: أجيدي العجين، فهو أطيب لطمعه، وأزيد في ريعه؛ وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أملكوا «٢» العجين، فإنه أحد الريعين.

وعبتموني حين ختمت على سدّ عظيم «٣» ، وفيه شيء ثمين من فاكهة رطبة نفيسة؛ ومن رطبة غريبة، على عبد نهم، وصبيّ جشع، وأمة لكعاء، وزوجة مضيعة؛ وليس من أصل الأدب، ولا في ترتيب الحكم، ولا في عادة القادة، ولا في تدبير السادة، أن يستوي في نفيس المأكول، وغريب المشروب، وثمين الملبوس، وخطير المركوب- التابع والمتبوع، والسيد والمسود؛ كما لا تستوي مواضعهم في المجالس، ومواقع أسمائهم في العنوان؛ ومن شاء أطعم كلبه الدجاج السمين، وعلف حماره السمسم المقشّر! فعبتموني بالختم، وقد ختم بعض الأئمة على مزود سويق، وعلى كيس فارغ،