للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعليه ثوبان، قد أخلقا فنظر إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ماله ثوبان غير هذين؟

قلت: بلى يا رسول الله، له ثوبان في العيد كسوته إياهما. قال: فادعه فمره فليلبسهما. قال: فدعوته فلبسهما ثم ولى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ماله، ضرب الله عنقه! أليس هذا خيرا له؟ فسمعه الرجل، فقال: في سبيل الله يا رسول الله! فقتل الرجل في سبيل الله.

[الربيع بن زياد وعلي]

: العتبي قال: أصابت الربيع بن زياد الحارثي نشابة «١» على جبينه، فكانت تنتقض عليه في كل يوم، فأتاه عليّ بن أبي طالب عائدا، فقال: كيف تجدك يا أبا عبد الرحمن قال: أجدني لو كان لا يذهب ما بي إلا ذهاب بصري لتمنيت ذهابه! قال له:

وما قيمة بصرك عندك! قال: لو كانت لي الدنيا فديته بها! قال: لا جرم، ليعطينّك الله على قدر ذلك إن شاء الله، إن الله يعطي على قدر الألم والمصيبة، وعنده بعد تضعيف كثير! قال له الربيع: يا أمير المؤمنين، ألا أشكو إليك عاصم بن زياد؟ قال: وماله؟

قال: لبس العباء، وترك الملاء، وغمّ أهله، وأحزن ولده! فقال: عليّ عاصما! فلما أتاه عبس في وجهه، وقال: ويلك يا عاصم، أترى الله أباح لك اللذات وهو يكره أخذك منها؟ لأنت أهون على الله من ذلك؛ أو ما سمعته يقول: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ

«٢» ، ثم قال: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ

«٣» ؛ وقوله: وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها

«٤» ؟ أما والله إن ابتذال نعم الله بالفعال، أحبّ إليه من ابتذالها بالمقال وقد سمعته عز وجل يقول:

وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ

«٥» ، ويقول: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ