للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الظليم: إن كل ذي رجلين إذا انكسرت إحدى رجليه نهض على الأخرى، والظليم إذا انكسرت إحدى رجليه جثم؛ ولذا قال الشاعر في نفسه وأخيه:

[فإني وإياه كرجلي نعامة ... على ما بنا من ذي غنى وفقير

يقول: لا غنى بواحد منا عن الأخر.

[وقال آخر] :

إذا انكسرت رجل النعامة لم تجد ... على أختها نهضا ولا دونها صبرا

قالوا: وعلة ذلك أنه لا مخ في عظمه، وكل عظم كسر يجبر، إلا عظما لا مخ فيه.

والظليم يغتذي المرو والصخر فتذيبه قانصته بطبعها حتى يصير كالماء.

وفي النعامة: إنها أخذت من البعير المنسم والوظيف والعنق والخزامة، ومن الطير الريش والجناحين والمنقار؛ فهي لا بعير ولا طائر.

وقال الأحمير السعدي: كنت ممن خلعني قومي وأطلّ السلطان دمي وهربت وتردّدت في البوادي، حتى ظننت أني قد جزت نخل وبار أو قريبا منه، وذلك أني كنت أرى النوى في رجع الذئاب، وكنت أغشى الذئاب وغيرها من بهائم الوحش ولا تنفر مني، لأنها لم تر أحدا قبلي، وكنت أمشي إلى الظبي السمين فآخذه [وعلى ذلك رأيت جميع تلك الوحوش] إلا النعام، فإني لم أره قط إلا نافرا فزعا.

[الطير]

بلغني عن مكحول أنه قال: كان من دعاء داود النبي عليه السلام: يا رازق النعّاب «١» في عشه. وذلك أن الغراب إذا فقس عن فراخه خرجت بيضاء، فإذا رآها كذلك نفر عنها؛ وتفتح أفواهها فيرسل الله ذبابا يدخل في أفواهها فيكون ذلك غذاءها حتى تسودّ، فإذا اسودّت عاد الغراب إليها فغذاها ورفع الله الذباب عنها!