للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاجة منها إليها، ومقدار ما يتناول منها، والنوع الذي يحتاج إليه؛ ولأنه لا يخلف الشيء الذي يتحلل ولا يقوم مقامه إلا مثله، وليس تستطيع القوة التي تحيل الطعام والشراب في بدن الإنسان أن تحيل إلا ما شاكل البدن وقاربه؛ فإذا كان هذا هكذا فلا بد لمن أراد حفظ الصحة أن يقصد لوجهين: أحدهما أن يدخل على البدن الأغذية الموافقة لما يتحلل منه، والأخرى أن ينفي عنه ما يتولد فيه من فضول الأغذية.

[ما يصلح لكل طبيعة من الأغذية]

وينبغي لك أن تعرف اختلاف طبائع الأبدان وحالاتها، لتعرف بذلك موافقة كلّ نوع من الأطعمة لكل صنف من الناس؛ وذلك أن الأغذية مختلفة؛ منها معتدلة، كالتي يتولد منها الدم الخالص النقيّ؛ ومنها غير معتدلة، كالتي يتولد منها البلغم والمرّة الصفراء والسوداء والرياح الغليظة؛ ومنها لطيفة ومنها غليظة؛ ومنها ما يتولد عنه كيموس «١» لزج وكيموس غير لزج؛ ومنها ما له خاصة منفعة أو مضرة في بعض الأعضاء دون بعض.

وكذلك الأبدان أيضا، منها معتدل مستول عليه في طبيعته الدم الخالص النقي، ومنها غير معتدل يغلب عليه البلغم أو إحدى المرّتين، ومنها متخلخل سريع التحلل، ومنها مستحصف «٢» عسر التحلل، ومنها ما يكون في بعض أعضائها دون بعض؛ فقد يجب متى كان المستولي على البدن الدم النقي أن تكون أغذيته قصدا في قدرها، معتدلة في طبائعها؛ ومتى كان الغالب عليه البلغم، فيجب أن تكون مسخنة، أو يغتذي بما يزيد في الحرارة ويقمع في الرطوبة؛ ومتى كان الغالب عليه المرّة السوداء فينبغي له أن يغتذي بالأغذية الحارة الرطبة؛ ومتى كان الغالب عليه المرة الصفراء فيغتذي بالأغذية الباردة الرطبة، ومتى كان بدنه مستحصفا «٣» ، عسر التحلل فينبغي أن يغتذي بأغذية يسيرة لطيفة جافة، ومتى كان متخلخلا فينبغي له أن يغتذي بأغذية لزجة، لكثرة ما يتحلل من البدن.