للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه الشراب على كريم منصبه، حتى كاد يبطله، وكان قد ضاف «١» على راع يسمى سالما، فسقاه قدحا من لبن، فكرهه وقال:

سيغني أبا الهنديّ عن وطب سالم ... أبارق كالغزلان بيض نحورها

مفدّمة قزّا كأن رقابها ... رقاب كراك أفزعتها صقورها «٢»

فما ذرّ قرن الشمس حتى كأنما ... أرى قرية حولي تزلزل دورها

وكان عجيبا بالجواب، فجلس إليه رجل كان صلب أبوه في جناية، فجعل يعرّض له بالشراب، فقال ابو الهندي: احدهم يبصر القذى في عين أخيه ولا يبصر الجذع المعترض في است ابيه.

ولقيه نصر بن سيار والي خراسان وهو يميد سكرا، فقال له: أفسدت مروءتك وشرفك! قال لو لم أفسد مرؤتي لم تكن أنت والي خراسان!.

ومرض ابو الهندي، فلما وجد فقد الشراب جعل يبكي ويقول:

رضيع المدام فارق الراح روحه ... فظلّ عليها مستهلّ المدامع

أديرا عليّ الكأس إني فقدتها ... كما فقد المفطوم درّ المراضع

وكان يشرب مع قيس بن أبي الوليد الكناني، وكان أبو الوليد ناسكا؛ فاستعدى عليه وعلى ابنه، فهرب منه، وقال فيه ابو الهندي:

قل للسّريّ ابن هند ظلت تواعدنا ... ودارنا أصبحت من داركم صددا

أبا الوليد أما واللَّه لو عملت ... فيك الشّمول لما فارقتها أبدا «٣»

ولا نسيت حميّاها ولذّتها ... ولا عدلت بها مالا ولا ولدا «٤»

وشرب أبو الهندي في غرفة مع نديم له، فاطّلع منها فإذا بميّت يزفّ به على