للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عصير العنب لا يسمى خمرا حتى يشتد. وان صدر هذه الامة والائمة في الدين لم يختلفوا في شيء كاختلافهم في النبيذ وكيفيته ...

ثم قال فيما حكم بين الفريقين: أما الذين ذهبوا إلى تحريمه كلّه ولم يفرقوا بين الخمر وبين نبيذ التمر، وبين ما طبخ وبين ما أنقع، فإنهم غلوا في القول جدا، ونحلوا قوما من أصحاب رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم وسلم البدريّين، وقوما من خيار التابعين، وائمة من السلف المتقدمين، شرب الخمر، وزيّنوا ذلك بأن قالوا: شربوها على التأويل وغلطوا في ذلك، فاتهموا نظرهم ونحلوهم الخطأ، وبرّءوا أنفسهم منه.

فعجبت منه كيف يعيب هذا المذهب، ثم يتقلده، ويطعن على قائله ثم يقول به! إلا اني نظرت إلى كتابه، فرأيته قد طال جدا. فاحسبه أنسي في آخره ما ذهب اليه في أوله؛ والقول الاول من قوله هو المذهب الصحيح الذي تأنس إليه القلوب وتقبله العقول، لا قوله الآخر الذي غلط فيه!.

[احتجاج المحرمين لقليل النبيذ وكثيره]

ذهبوا اجمعون إلى ان ما اسكر كثيره من الشراب فقليله حرام كتحريم الخمر وقال بعضهم: بل هو الخمر بعينها، ولم يفرقوا بين ما طبخ وبين أنقع، وقضوا عليه كله أنه حرام؛ وذهبوا من الاثر إلى حديث رواه عبد اللَّه بن قتيبة عن محمد بن خالد ابن خداش عن ابيه عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: أن رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر» . وحديث رواه ابن قتيبة عن إسحاق بن راهويه عن المعتمر بن سليمان عن ميمون بن مهدي عن أبي عثمان الانصاري عن القاسم عن عائشة: ان النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق فالحسوة منه حرام» .