للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم ممن يصيب ذلك الشراب يقولون: شربنا طلاء، فلا بأس علينا في شربه! ولعمري فيما قرّب مما حرّم اللَّه بأسا، وإن في الأشربة التي أحل اللَّه، ومن العسل والسويق، والنبيذ والتمر، لمندوحة عن الأشربة الحرام، غير أن كل ما كان من نبيذ العسل والتمر والزبيب فلا ينبذ إلا في أسقية الأدم التي لازفت فيها، ولا يشرب منها ما يسكر! فإنه بلغنا أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم نهى عن شرب ما جعل في الجرار والدّباء والظروف المزفتة، وقال: «كل مسكر حرام» ؛ فاستغنوا بما أحلّ لكم عما حرّم عليكم؛ وقد أردت بالذي نهيت عنه من شرب الخمر وما ضارع الخمر من الطلاء، وما جعل في الدباء والجرار والظروف المزفتة، وكل مسكر- اتخاذ الحجة عليكم؛ فمن يطع منكم فهو خير له، ومن يخالف إلى ما نهى عنه نعاقبه على العلانية، ويكفينا اللَّه ما أسرّ، فإنه على كل شيء رقيب؛ ومن استخفى بذلك عنا فإن اللَّه أشد بأسا وأشد تنكيلا!» .

[احتجاج المحلين للنبيذ كله]

قال المحلّون لكل ما أسكر كثيره من النبيذ: إنما حرّمت الخمر بعينها، خمر العنب خاصة، بالكتاب، وهي معقولة مفهومة، لا يمتري «١» فيها أحد من المسلمين، وإنما حرمها اللَّه تعبّدا، لا لعلة الإسكار كما ذكرتم، ولا لأنها رجس كما زعمتم؛ ولو كان ذلك كذلك لما أحلها اللَّه للأنبياء المتقدمين، والأمم السالفين، ولا شربها نوح بعد خروجه من السفينة، ولا عيسى ليلة رفع، ولا شربها أصحاب محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم في صدر الإسلام.

وأما قولكم إنها رجس، فقد صدقتم في اللفظ وغلطتم في المعنى؛ إذا كنتم أردتم أنها منتنة؛ فإن الخمر ليست منتنة، ولا قذرة ولا وصفها أحد بنتن ولا قذر وإنما جعلها اللَّه رجسا بالتحريم، كما جعل الزنا فاحشة ومقتا «٢» ، أي معصية وإثما