للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا عليّ كالهلال تحفّه ... وسط السّماء من الكواكب أسعد

خير الخلائق وابن عمّ محمّد ... إن يهدكم بالنّور منه تهتدوا

ما زال مذ شهد الحروب مظفّرا ... والنّصر فوق لوائه ما يفقد

قالت: كان ذلك يا أمير المؤمنين، وأرجو أن تكون لنا خلفا بعده فقال رجل من جلسائه: كيف يا أمير المؤمنين وهي القائلة:

إمّا هلكت أبا الحسين فلم تزل ... بالحقّ تعرف هاديا مهديّا-

فاذهب عليك صلاة ربّك ما دعت ... فوق الغصون حمامة قمريّا

قد كنت بعد محمّد خلفا كما ... أوصى إليك بنا فكنت وفيّا

فاليوم لا خلف يؤمّل بعده ... هيهات نأمل بعده إنسيّا

قالت: يا أمير المؤمنين، لسان نطق، وقول صدق؛ ولئن تحقق فيك ما ظننّا فحظك الأوفر. والله ورّثك الشّنآن «١» في قلوب المسلمين إلّا هؤلاء. فأدحض «٢» مقالتهم، وأبعد منزلتهم، فإنك إن فعلت ذلك تزدد من الله قربا، ومن المؤمنين حبا.

قال: وإنك لتقولين ذلك؟ قالت سبحان الله! والله ما مثلك مدح بباطل. ولا اعتذر إليه بكذب؛ وإنك لتعلم ذلك من رأينا وضمير قلوبنا. كان والله عليّ أحبّ إلينا منك، وأنت أحبّ إلينا من غيرك. قال: ممن؟ قالت: من مروان بن الحكم وسعيد ابن العاص. قال: وبم استحققت ذلك عندك؟ قالت: بسعة حلمك وكريم عفوك.

قال: فإنهما يطمعان في ذلك. قالت: هما والله من الرأي على ما كنت عليه لعثمان بن عفان رحمه الله. قال: والله لقد قاربت، فما حاجتك؟

قالت: يا أمير المؤمنين، إن مروان تبنّك «٣» بالمدينة تبنّك من لا يريد منها البراح، لا يحكم بعدل، ولا يقضي بسنّة، يتتبع عثرات المسلمين، ويكشف عورات المؤمنين، حبس ابن ابني، فأتيته، فقال كيت وكيت فألقمته أخشن من الحجر،