للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدر الدنيا، لو كانت لك لأنفقتها في سبيل الله. إن الله يعطي على قدر الألم والمصيبة، وعنده بعد تضعيف كثير.

وقال له الربيع: يا أمير المؤمنين، إني لأشكو إليك عاصم بن زياد. قال: وماله؟

قال: لبس العباء، وترك الملاء، وغمّ أهله، وأحزن ولده. قال: عليّ عاصما. فلما أتاه، عبس في وجهه، وقال: ويلك يا عاصم! أترى الله أباح لك اللذات وهو يكره منك أخذك منها؟ أنت أهون على الله من ذلك. أو ما سمعته يقول: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ

«١» حتى قال: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ

«٢» . وتالله لا بتذال نعم الله بالفعال أحبّ إليّ من ابتذالها بالمقال، وقد سمعته يقول: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ

«٣» وقوله: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ

«٤» .

قال عاصم: فعلام اقتصرت أنت يا أمير المؤمنين على لبس الخشن وأكل الحشف «٥» ؟

قال: إن الله افترض على أئمة العدل أن يقدّروا أنفسهم بالعوام، لئلا يشنع «٦» بالفقير فقره.

قال: فما خرج حتى لبس الملاء وترك العباء.

النبي صلّى الله عليه وسلم وعبد الله ابن عمرو وقد شكته زوجه:

محمد بن حاطب الجمي قال: حدّثني من سمع عمرو بن شعيب، وكنت سمعته أنا وأبي جميعا، قال: حدّثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عبد الله بن مسعود، قال: أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم أم عبد الله بن عمرو ابن العاص،