للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاملين الواعين عن الحسن؛ فلله تلكم لمّة وأوعياء وحفظة، ما أدمت الطبائع «١» ، وأرزن المجالس، وأبين الزّهد وأصدق الألسنة، اقتدوا والله بمن مضى شهابهم، وأخذوا بهديهم؟ عهدي والله بالحسن وعهدهم أمس في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم بشرقي الأجنحة، وآخر حديث حدّثنا إذ ذكر الموت وهول المطلع، فأسف على نفسه واعترف بذنبه، ثم التفت والله يمنة ويسرة معتبرا باكيا؛ فكأني أنظر إليه يمسح مرفضّ العرق عن جبينه، ثم قال: اللهم إني قد شددت وضين «٢» راحلتي، وأخذت في أهبة سفري إلى محل القبر وفرش العفر «٣» ، فلا تؤاخذني بما ينسبون إليّ من بعدي. اللهم إني قد بلّغت ما بلغني عن رسولك، وفسّرت من محكم تأويلك ما قد صدّقه حديث نبيك؛ ألا وإني خائف عمرا! ألا وإني خائف عمرا! شكاية لك إلى ربّه جهرا، وأنت عن يمين أبي حذيفة أقربنا إليه؛ وقد بلغني كبير ما حمّلته نفسك، وقلّدته عنقك، من تفسير التنزيل، وعبارة التأويل؛ ثم نظرت في كتبك، وما أدّته إلينا روايتك من تنقيص المعاني، وتفريق المباني، فدلّت شكاية الحسن عليك بالتحقيق بظهور ما ابتدعت، وعظيم ما تحمّلت؛ فلا يغررك أي أخي تدبير من حولك، وتعظيمهم طولك «٤» ، وخفضهم أعينهم عنك إجلالا لك، غدا والله تمضي الخيلاء والتفاخر، وتجزى كلّ نفس بما تسعى. ولم يكن كتابي إليك، وتجليبي عليك، إلا ليذكّرك بحديث الحسن رحمه الله، وهو آخر حديث حدّثناه. فأدّ المسموع وانطق بالمفروض، ودع تأويلك الأحاديث على غير وجهها، ركن من الله وجلا «٥» فكأنّ قد.

[ما جاء في ذم الحمق والجهل]

قال النبي صلّى الله عليه وسلم «الجاهل يظلم من خالطه، ويعتدي على من هو دونه، ويتطاول على من هو فوقه، ويتكلّم بغير تمييز، وإن رأى كريمة أعرض عنها، وإن عرضت فتنة أردته وتهوّر فيها» .