للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو الذي أساء؛ قال: فأرى صاحب الخير هو صاحب الشرّ، وقد بطل قولكم، إنّ الذي ينظر نظر الوعيد هو الذي ينظر نظر الرحمة؛ قال: فإني أزعم أنّ الذي أساء غير الذي ندم؛ قال: فندم على شيء كان من غيره أو على شيء كان منه؟ فأسكته.

دخل الموبذ «١» على هشام بن الحكم «٢» فقال له: يا هشام، حول الدنياشيء؟ قال: لا، قال: فإن أخرجت يدي فثمّ شيء يردّها؟ قال هشام:

ليس ثمّ شيء يردّك، ولا شيء يخرج يدك فيه؛ قال: فكيف أعرف هذا؛ قال له: يا موبذ؛ أنا وأنت على طرف الدنيا فقلت لك يا موبذ: إني لا أرى شيئا، فقلت لي: ولم لا ترى؟ فقلت لك: ليس ها هنا ظلام يمنعني، قلت لي أنت: يا هشام، إني لا أرى شيئا، فقلت لك: ولم لا ترى؟ قلت: ليس ضياء أنظر به؛ فهل تكافأت الملّتان في التناقض؟ قال: نعم، قال: فإذا تكافأتا في التناقض لم تتكافآ في الإبطال أن ليس شيء؟ فأشار الموبذ بيده أن أصبت «٣» .

ودخل عليه يوما آخر فقال: هما في القوّة سواء؟ قال: نعم؛ قال: فجوهرهما واحد؟ قال الموبذ لنفسه- ومن حضر يسمع- إن قلت: إنّ جوهرهما واحد عادا في نعت واحد، وإن قلت: مختلف اختلفا أيضا في الهمم والإرادات

<<  <  ج: ص:  >  >>