للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا النوع مما ورد شعرا قول الأضبط بن قريع من شعراء الجاهلية «١» :

قد يجمع المال غير آكله ... ويأكل المال غير من جمعه

ويقطع الثّوب غير لابسه ... ويلبس الثّوب غير من قطعه

وكذلك ورد قول أبي الطيب المتنبي «٢» :

فلا مجد في الدّنيا لمن قلّ ماله ... ولا مال في الدّنيا لمن قلّ مجده

وكذلك قول الشريف الرضي من أبيات يذم فيها الزمان:

أسفّ بمن يطير إلى المعالي ... وطار بمن يسفّ إلى الدّنايا

وكذلك قول الآخر:

إنّ اللّيالي للأنام مناهل ... تطوى وتنشر بينها الأعمار

فقصارهنّ من الهموم طويلة ... وطوالهنّ من السّرور قصار

وأحسن من هذا كله وألطف قول ابن الزقاق الأندلسي:

غيّرتنا يد الزّما ... ن فقد شبت والتحى

فاستحال الضّحى دجا ... واستحال الدّجا ضحى

وهذا الضرب من التجنيس له حلاوة، وعليه رونق، وقد سماه قدامة بن جعفر الكاتب التّبديل، وذلك اسم مناسب لمسماه؛ لأن مؤلّف الكلام يأتي بما كان مقدّما في جزء كلامه الأول مؤخّرا في الثاني، وبما كان مؤخرا في الأول مقدّما في الثاني، ومثله قدامة بقول بعضهم: اشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>