للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البعير؛ إذا أسرع؛ فهي على صيغة الاسم حسنة رائقة، وقد وردت في النظم والنثر كثيرا، وإذا جاءت على صيغة الفعل لم تكن حسنة، كقول أبي تمام «١» :

وإلى بني عبد الكريم تواهقت ... رتك النّعام رأى الظّلام فخوّدا

وهذا يقال عليه أشباهه وأنظاره، إلا أن هذه اللفظة التي هي خود قد نقلت عن الحقيقة إلى المجاز، فخف عنها ذلك القبح قليلا؛ كقول بعض شعراء الحماسة «٢» :

أقول لنفسي حين خوّد رألها ... رويدك لمّا تشفقي حين مشفق

رويدك حتّى تنظري عمّ تنجلي ... غيابة هذا البارق المتألّق «٣»

والرّأل: النعام، والمراد به ههنا أن نفسه فرّت وفزعت، وشبه ذلك بإسراع النعام في فراره وفزعه، ولما أورده على حكم المجاز خفّ بعض القبح الذي على لفظة خوّد، وهذا يدرك بالذوق الصحيح، ولا خفاء بما بين هذه اللفظة في إيرادها ههنا وإيرادها في بيت أبي تمام؛ فإنها وردت في بيت أبي تمام قبيحة سمحة، ووردت ههنا بين بين.

ومن هذا النوع لفظة ودع وهي فعل ماض ثلاثي لا ثقل بها على اللسان، ومع ذلك فلا تستعمل على صيغتها الماضية إلا جاءت غير مستحسنة، ولكنها تستعمل مستقبلة، وعلى صيغة الأمر، فتجيء حسنة، أما الأمر فكقوله تعالى: «فذرهم يخوضوا ويلعبوا» *

«٤» ولم تأت في القرآن الكريم إلا على هذه الصيغة؛ وأما كونها

<<  <  ج: ص:  >  >>