للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نيله من العناء؛ فإني سلكت إليه كل طريق حتى بلغته آخرا، وإنما تكون نفاسة الأشياء لعزة حصولها ومشقة وصولها:

ليس حلوا وجودك الشّيء تبغي ... هـ طلابا حتّى يعزّ طلابه «١»

ولقد مارست الكتابة ممارسة كشفت لي عن أسرارها، وأظفرتني بكنوز جواهرها؛ إذ لم يظفر غيري بأحجارها؛ فما وجدت أعون الأشياء عليها إلا حل آيات القرآن الكريم والأخبار النبوية، وحل الأبيات الشعرية، وقد قصرت هذا الفصل على ذكر وجوهها، وتقسيمها، وتمهيد الطريق إلى تعليمها، فمن وقف على ما ذكرته علم أنّي لم آت شيئا فريّا، وأن الله قد جعل تحت خواطري من بنات الأفكار سريّا، وهذه الطريق يجهلها كثير من متعاطي هذه الصناعة، والّذي يعلمها منهم يرضى بالحواشي والأطراف، ويقنع من لآلئها بمعرفة ما في الأصداف، ولو استخرج منها ما استخرجت، واستنتج ما استنتجت؛ لهام بها في كل واد، وتزوّد إلى سلوك طريقها كل زاد:

لو يسمعون كما سمعت كلامها ... خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا «٢»

ولا أريد بهذه الطريق أن يكون الكاتب مرتبطا في كتابته بما يستخرجه من القرآن الكريم، والأخبار النبوية، والشعر، بحيث إنه لا ينشىء كتابا إلا من ذلك، بل أريد أنه إذا حفظ القرآن الكريم وأكثر من حفظ الأخبار النبوية والأشعار، ثم نقّب عن ذلك تنقيب مطّلع على معانيه، مفتّش عن دفائنه، وقلّبه ظهرا لبطن؛ عرف

<<  <  ج: ص:  >  >>