للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باقة البقل، وكان صاحب بلغار قد اتخذ له درعا تحمل على عجلة وبيضة عادية لرأسه كأنها قطعة من جبل، وكان يأخذ في يده شجرة من، البلوط كالعصا لو ضرب بها الفيل لقتله، وكان خيرا متواضعا، كان إذا لقيني يسلم عليّ ويرحب بي ويكرمني، وكان رأسي لا يصل إلى ركبتيه رحمة الله تعالى عليه، ولم يكن في بلغار حمام يمكنه دخولها إلا حمام واحدة، وكانت له أخت على طوله ورأيتها مرات في بلغار، وقال لي قاضي بلغار يعقوب بن النعمان: إن هذه المرأة العادية قتلت زوجها وكان اسمه آدم وكان أقوى أهل بلغار قيل: إنها ضمته إليها، فكسرت أضلاعه، فمات من ساعته.

وروي عن وهب بن منبه في عوج بن عناق أنه كان من أحسن الناس وأجملهم إلا أنه كان لا يوصف طوله، قيل:

إنه كان يخوض في الطوفان، فلم يبلغ ركبتيه، ويقال إن الطوفان علا على رؤوس الجبال أربعين ذراعا، وكان يجتاز بالمدينة فيتخطاها كما يتخطى أحدكم الجدول الصغير، وعمره الله دهرا طويلا حتى أدرك موسى عليه السلام، وكان جبارا في أفعاله يسير في الأرض برا وبحرا ويفسد ما شاء، ويقال: إنه لما حصر بنو إسرائيل في التيه ذهب فأتى بقطعة من جبل على قدرهم واحتملها على رأسه ليلقيها عليهم فبعث الله طيرا في منقاره حجر مدور فوضعه على الحجر الذي على رأسه، فانثقب من وسطه وانخرق في عنقه، وأخبر الله عز وجل نبيه موسى عليه الصلاة والسلام بذلك، فخرج إليه وضربه بعصا فقتله، ويقال: إن موسى عليه الصلاة والسلام كان طوله عشرة أذرع وعصاه عشرة أذرع، وقفز في الهواء عشرة أذرع، وضربه فلم يصل إلى عرقوبه، فتبارك الله أحسن الخالقين.

ومن ذلك ما قيل عن أمه عناق بنت آدم عليه الصلاة والسلام، وكانت مفردة بغير أخ، وكانت مشوهة الخلقة لها رأسان، وفي كل يد عشرة أصابع، ولكل أصبع ظفران كالمنجلين. وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: هي أول من بغى في الأرض وعمل الفجور، وجاهر بالمعاصي واستخدم الشياطين وصرفهم في وجوه السحر، وكان قد أنزل الله على آدم عليه الصلاة والسلام أسماء عظيمة تطيعه الشياطين بها وأمره أن يدفعها إلى حواء لتحترز بها، فغافلتها عناق وسرقتها واستخدمت بها الشياطين، وتكلمت بشيء من الكهانة، فدعا عليها آدم، وأمنت على ذلك حواء، فأرسل الله عليها أسدا أعظم من الفيل، فهجم عليها وقتلها، وذلك بعد ولادتها عوجا بسنتين. ومن ذلك ما حكي عن بعض فقهاء الموصل: أنه شاهد ببلاد الأكراد المحمدية في جبل من جبال الموصل إنسانا طوله تسعة أذرع وهو صبي لم يبلغ الحلم وكان يأخذ بيده الرجل القوي ويرميه خلف ظهره فأراد صاحب الموصل استخدامه، فقيل له في عقله خبل، فتركه.

وروي عن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه قال:

دخلت بلدة اليمن، فرأيت بها إنسانا من وسطه إلى أسفله بدن واحد، ومن وسطه إلى أعلاه بدنان مفترقان برأسين ووجهين وأربع أيد، وهما يأكلان ويشربان ويتقاتلان ويتلاطمان ويصطلحان. قال: ثم غبت عنهما قليلا ورجعت، فقيل لي: أحسن الله عزاءك في أحد الشقين، فقلت: وكيف صنع به؟ فقيل: ربط في أسفله حبل وثيق وترك حتى ذبل، ثم قطع ورأيت الجسد الآخر بالسوق ذاهبا وراجعا «١» .

ومنه: ما أرسله بطارقة الأرمن إلى ناصر الدولة، وهو رجلان في جسد واحد، فأحضر الأطباء وسألهم عن انفصال أحدهما عن الآخر فسألوهما هل تجوعان معا وتعطشان معا؟ قال: نعم، فقالوا له: لا يمكن فصلهما، ويقال: إنه أحضر أباهما فسأله عن حالهما، فأخبر أنهما يختصمان في بعض الأحيان وأنه يصلح بينهما «٢» .

ومن ذلك: ما ذكر أنه أهدي إلى أبي منصور الساماني فرس له قرنان، وثعلب له جناحان إذا قرب منه إنسان نشرهما، وإذا بعد ألصقهما. وذكر القاضي عياض رحمة الله تعالى عليه أنه ولد له مولود على أحد جنبيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله، وهذا لا يبعد، فإنه يوجد كثيرا في السنور الدبركي وذكر أنه ولد بالقاهرة غلام له أربعة أرجل، ومثلها أيد وذكر أنه كان لبعض ولاة مصر مملوك يدعى طقطو، فولاه فوض من أعمال الصعيد فتزوج بها وولد له ولد، ثم انقلب امرأة فتزوج بها وولدت ولدين، وأما كبش بأربعة قرون ودجاجة بأربعة أرجل، وحيوان برأسين، والمخرج واحد، فكثير، وعجائب الله تعالى في مصنوعاته غير متناهية، فلله الحمد على ما أنعم به علينا لا نحصي ثناء عليه.

ومن ذلك: إنسان الماء وهو حيوان يشبه الآدمي، وفي بعض الأوقات يطلع ببحر الشام شيخ بلحية بيضاء، ويستبشر الناس برؤيته في تلك السنة بالخصب.

<<  <   >  >>