للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن كنت ذا حاجة فاطلب لها بذلا ... إنّ الغزال الذي ضيّعت مشغول

فكتب إليها يقول:

إن كان ذا شغل فالله يكلؤه ... فقد لهونا به والحبل موصول

وقد قضينا من استظرافه وطرا ... وفي الليالي وفي أيامها طول

وطلق الوليد بن يزيد زوجته سعدى، فلما تزوجت اشتد ذلك عليه وندم على ما كان منه، فدخل عليه أشعب فقال له: هل لك أن تبلغ سعدى عني رسالة ولك عشرة آلاف درهم، قال: أقبضنيها، فأمر له بها، فلما قبضها قال له:

هات رسالتك، قال ائتها، فأنشدها.

أسعدى هل إليك لنا سبيل ... ولا حتّى القيامة من تلاق

بلى ولعلّ دهرا أن يؤاتي ... بموت من خليلك أو فراق

قال: فأتاها أشعب، فاستأذن عليها، فأذنت له، فدخل، فقالت له: ما بدا لك في زيارتنا يا أشعب؟ فقال:

يا سيدتي أرسلني الوليد إليك برسالة ثم أنشدها الشعر، فقالت لجواريها: عليكن بهذا الخبيث فقال: يا سيدتي إنه دفع إليّ عشرة آلاف درهم، فهي لك، وأعتقيني لوجه الله، فقالت: والله لا أعتقك أو تبلغ إليه ما أقول لك، قال: يا سيدتي فاجعلي لي جعلا «١» قالت: لك بساطي هذا. قال: قومي عنه، فقامت، فأخذه، وألقاه على ظهره، وقال: هاتي رسالتك، فقالت:

أتبكي على سعدى وأنت تركتها ... فقد ذهبت سعدى فما أنت صانع

فلما بلّغه الرسالة ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وأخذته كظمة فقال لأشعب: اختر مني إحدى ثلاث إما أن أقتلك، وأما أن أطرحك من هذا القصر. وأما أن ألقيك إلى هذه السباع فتفترسك، فتحير أشعب وأطرق مليا ثم قال: يا سيدي ما كنت لتعذب عينا نظرت إلى سعدى، فتبسم وخلّى سبيله.

وممن طلق امرأته فتبعتها نفسه الفرزدق الشاعر طلق النّوار، ثم ندم على طلاقها. وقال:

ندمت ندامة الكسعي لما ... غدت مني مطلقة نوار «٢»

فأصبحت الغداة ألوم نفسي ... بأمر ليس لي فيه اختيار

وكانت جنّتي فخرجت منها ... كآدم حين أخرجه الضّرار

ولو أني ملكت بها يميني ... لكان عليّ للقدر الخيار

وممن طلّق امرأته، فتبعتها نفسه، فندم قيس بن ذريح، وكان أبوه أمره بطلاقها فطلقها، وندم على ذلك فأنشأ يقول:

فنى صبري وعاودني رداعي ... وكان فراق لبنى كالخداع «٣»

تكنّفني الوشاة فأزعجوني ... فيا للناس للواشي المطاع

فأصبحت الغداة ألوم نفسي ... على أمر وليس بمستطاع

كمغبون يعضّ على يديه ... تبيّن غبنه عند البياع «٤»

وحدّث العتبي قال: جاء رجل بامرأة كأنّها برج من فضة إلى عبد الرحمن بن الحكم وهو على الكوفة، فقال: إن امرأتي هذه شجّتني فسألها عبد الرحمن، فقالت: نعم يا مولاي غير متعمدة لذلك، كنت أعالج طيبا فوقع الفهر «٥» من يدي على رأسه وليس عندي علم ولا يقوى بدني على القصاص، فقال للرجل: علام تمسكها، وقد فعلت بك ما أرى؟ فقال يا مولاي: إن صداقها علي أربعة آلاف درهم، ولا تطيب نفسي بفراقها. قال، فإن أعطيتك الأربعة آلاف درهم تفارقها. قال: نعم، قال: هي لك. قال: فهي إذن

<<  <   >  >>