للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ سَمَّتْ سَائِرَ الشَّاةِ، ثُمَّ جَاءَتْ بِهَا، فَلَمَّا وَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَنَاوَلَ الذِّرَاعَ، فَلَاكَ مِنْهَا مُضْغَةً، فَلَمْ يُسِغْهَا، وَمَعَهُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، قَدْ أَخَذَ مِنْهَا كَمَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا بِشْرٌ فَأَسَاغَهَا، وَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَفَظَهَا، ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذَا الْعَظْمَ لَيُخْبِرُنِي أَنَّهُ مَسْمُومٌ، ثُمَّ دَعَا بِهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكِ؟ قَالَ: بَلَغْتَ مِنْ قَوْمِي مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: إنْ كَانَ مَلِكًا اسْتَرَحْتُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ نَبِيًّا فَسَيُخْبَرُ، قَالَ: فَتَجَاوَزَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَاتَ بِشْرٌ مِنْ أَكْلَتِهِ الَّتِي أَكَلَ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، وَدَخَلَتْ أُمُّ بِشْرٍ بِنْتُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ تَعُودُهُ: يَا أُمَّ بِشْرٍ، إنَّ هَذَا الْأَوَانَ وَجَدْتُ فِيهِ [١] انْقِطَاعَ أَبْهَرِي [٢] مِنْ الْأَكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُ مَعَ أَخِيكَ بِخَيْبَرِ. قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَيَرَوْنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ شَهِيدًا، مَعَ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ النُّبُوَّةِ

(رُجُوعُ الرَّسُولِ إلَى الْمَدِينَةِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ انْصَرَفَ إلَى وَادِي الْقُرَى، فَحَاصَرَ أَهْلَهُ لَيَالِيَ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ.

(مَقْتَلُ غُلَامِ رِفَاعَةَ الَّذِي أَهْدَاهُ لِلرَّسُولِ) :

قَالَ ابْنُ إِسْحَاق: فَحَدثني ثَوْر بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خَيْبَرَ إلَى وَادِي الْقُرَى نَزَلْنَا بِهَا أَصِيلًا مَعَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامٌ لَهُ [٣] ، أَهْدَاهُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ، ثُمَّ الضَّبِينِيُّ [٤] .


[١] هَذِه الْكَلِمَة سَاقِطَة فِي أ.
[٢] الْأَبْهَر: عرق إِذا انْقَطع مَاتَ صَاحبه. وهما أبهران يخرجَانِ من الْقلب، ثمَّ يتشعب مِنْهُمَا سَائِر الشرايين. (رَاجع لِسَان الْعَرَب مَادَّة بهر) .
[٣] اسْم هَذَا الْغُلَام: مدعم، (رَاجع الِاسْتِيعَاب) .
[٤] كَذَا فِي المشتبه والاستيعاب، فِي إِحْدَى روايتيهما، وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «الضبيبى» -