للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ، لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخافُونَ، فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا، فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً ٤٨: ٢٧ يَعْنِي خَيْبَرَ.

ذِكْرُ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ [١] فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ، وَمَقْتَلُ جَعْفَرٍ وَزَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَأَقَامَ بِهَا بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ، وَوَلِيَ تِلْكَ الْحَجَّةَ الْمُشْرِكُونَ، وَالْمُحَرَّمَ وَصَفَرًا وَشَهْرَيْ رَبِيعٍ، وَبَعَثَ فِي جُمَادَى الْأُولَى بَعْثَهُ إلَى الشَّامِ الَّذِينَ أُصِيبُوا بِمُؤْتَةَ.

(بَعْثُ الرَّسُولِ إلَى مُؤْتَةَ وَاخْتِيَارُهُ الْأُمَرَاءَ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثَةَ إلَى مُؤْتَةَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَقَالَ: إنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى النَّاسِ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ عَلَى النَّاسِ [٢]

(بُكَاءُ ابْنِ رَوَاحَةَ مَخَافَةَ النَّارِ وَشِعْرُهُ لِلرَّسُولِ) :

فَتَجَهَّزَ النَّاسُ ثُمَّ تَهَيَّئُوا لِلْخُرُوجِ، وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، فَلَمَّا حَضَرَ خُرُوجَهُمْ وَدَّعَ النَّاسُ أُمَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا وَدَّعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ مَنْ وَدَّعَ مِنْ أُمَرَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَى، فَقَالُوا:

مَا يُبْكِيكَ يَا بْنَ رَوَاحَةَ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاَللَّهِ مَا بِي حُبُّ الدُّنْيَا وَلَا صَبَابَةٌ بِكُمْ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَذْكُرُ فِيهَا النَّارَ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ١٩: ٧١،


[١] مُؤْتَة (مَهْمُوزَة الْوَاو. وَحكى فِيهِ غير الْهَمْز) : قَرْيَة من أَرض البلقاء من الشَّام. وَتسَمى أَيْضا غَزْوَة جَيش الْأُمَرَاء، وَذَلِكَ لِكَثْرَة جَيش الْمُسلمين فِيهَا وَمَا لَا قُوَّة من الْحَرْب الشَّديد مَعَ الْكفَّار.
(رَاجع السهيليّ، وَالنِّهَايَة، وَشرح أَبى ذَر، وَشرح الْمَوَاهِب) .
[٢] وَزَاد الزرقانى: «فَإِن قتل فليتربص الْمُسلمُونَ بِرَجُل من بَينهم يجعلونه عَلَيْهِم» .