للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذْ يَهْتَدُونَ بِجَعْفَرٍ وَلِوَائِهِ ... قُدَّامَ أَوَّلِهِمْ فَنِعْمَ الْأَوَّلُ

حَتَّى تَفَرَّجَتْ الصُّفُوفُ وَجَعْفَرٌ ... حَيْثُ الْتَقَى وَعْثُ الصُّفُوفِ مُجَدَّلُ [١]

فَتَغَيَّرَ الْقَمَرُ الْمُنِيرُ لِفَقْدِهِ ... وَالشَّمْسُ قَدْ كَسَفَتْ وَكَادَتْ تَأْفِلُ [٢]

قَرْمٌ [٣] عَلَا بُنْيَانُهُ مِنْ هَاشِمٍ ... فَرْعًا أَشَمَّ وَسُؤْدُدًا مَا يُنْقَلُ [٤]

قَوْمٌ بِهِمْ عَصَمَ الْإِلَهُ عِبَادَهُ ... وَعَلَيْهِمْ نَزَلَ الْكِتَابُ الْمُنْزَلُ

فَضَلُوا الْمَعَاشِرَ عِزَّةً وَتَكَرُّمًا ... وَتَغَمَّدَتْ أَحْلَامُهُمْ مَنْ يَجْهَلُ [٥]

لَا يُطْلِقُونَ إلَى السَّفَاهِ حُبَاهُمْ ... وَيُرَى خَطِيبُهُمْ بِحَقٍّ يَفْصِلُ [٦]

بِيضُ الْوُجُوهِ تُرَى بُطُونُ أَكُفِّهِمْ ... تَنْدَى إذَا اعْتَذَرَ الزّمان الممحل [٧]

وبهداهم رضى الْإِلَه الْخلقَة ... وَبِجَدِّهِمْ نُصِرَ النَّبِيُّ الْمُرْسَلُ [٨]

(شِعْرُ حَسَّانَ فِي بُكَاءِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) :

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَبْكِي جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

وَلَقَدْ بَكَيْتُ وَعَزَّ مُهْلَكُ جَعْفَرٍ ... حِبِّ النَّبِيِّ عَلَى الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا

وَلَقَدْ جَزِعْتُ وَقُلْتُ حِينَ نُعِيتَ لِي ... مَنْ لِلْجِلَادِ لَدَى الْعُقَابِ وَظِلِّهَا [٩]

بِالْبِيضِ حِينَ تُسَلُّ مِنْ أَغْمَادِهَا ... ضَرْبًا وَإِنْهَالِ الرِّمَاحِ وَعَلِّهَا [١٠]


[١] وعث الصُّفُوف: التحامها حَتَّى يصعب الْخَلَاص من بَينهَا، تَشْبِيها بالوعث، وَهُوَ الرمل الّذي تغيب فِيهِ الأرجل، ويصعب فِيهِ السّير. ومجدل: مطروح على الجدالة، وَهِي الأَرْض.
[٢] تأفل: تغيب.
[٣] القرم: السَّيِّد.
[٤] كَذَا فِي الْأُصُول. وَفِي شرح أَبى ذَر: «مَا ينفل: من رَوَاهُ بِالْفَاءِ فَمَعْنَاه لَا يحْجر، وَمن رَوَاهُ بِالْقَافِ فَهُوَ مَعْلُوم» .
[٥] تغمدت من يجهل: سترت جهل الْجَاهِلين.
[٦] إِطْلَاق الحبوة: كِنَايَة عَن النهضة للنجدة. والحبوة (فِي الأَصْل) : أَن يشبك الْإِنْسَان أَصَابِع يَدَيْهِ بَعْضهَا فِي بعض. ويجعلها على رُكْبَتَيْهِ إِذا جلس. وَقد يحتبي بحمائل السَّيْف وَغَيرهَا.
[٧] الممحل: وَهُوَ الشَّديد الْقَحْط.
[٨] كَذَا فِي (أ) وَفِي سَائِر الْأُصُول: «بحدهم» بِالْحَاء الْمُهْملَة. قَالَ أَبُو ذَر: «من رَوَاهُ بِالْحَاء الْمُهْملَة فَمَعْنَاه بشجاعتهم وإقدامهم، وَمن رَوَاهُ «بجدهم» بِالْجِيم الْمَكْسُورَة، فَهُوَ مَعْلُوم» .
[٩] الْعقَاب: اسْم لراية الرَّسُول.
[١٠] الإنهال: الشّرْب الأول، الشّرْب الثَّانِي، يُرِيد الطعْن بعد الطعْن.