للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْن حَبِيبٍ، وَكَانَتْ رَايَتُهُمْ مَعَ ذِي الْخِمَارِ [١] ، فَلَمَّا قُتِلَ أَخَذَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى قُتِلَ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ وَهْبِ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلُهُ، قَالَ: أَبْعَدَهُ اللَّهُ! فَإِنَّهُ كَانَ يُبْغِضُ قُرَيْشًا.

(الْغُلَامُ النَّصْرَانِيُّ الْأَغْرَلُ وَمَا كَادَ يَلْحَقُ ثَقِيفًا بِسَبَبِهِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ: أَنَّهُ قُتِلَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ غُلَامٌ لَهُ نَصْرَانِيٌّ أَغْرَلُ [٢] ، قَالَ: فَبَيْنَا رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَسْلُبُ قَتْلَى ثَقِيفٍ، إذْ كَشَفَ الْعَبْدَ يَسْلُبُهُ، فَوَجَدَهُ أَغْرَلَ. قَالَ: فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ: يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّ ثَقِيفًا غُرْلٌ. قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَذْهَبَ عَنَّا فِي الْعَرَبِ، فَقُلْتُ: لَا تَقُلْ ذَاكَ، فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، إنَّمَا هُوَ غُلَامٌ لَنَا نَصْرَانِيٌّ. قَالَ: ثُمَّ جَعَلْتُ أَكْشِفُ لَهُ عَنْ الْقَتْلَى، وَأَقُولُ لَهُ: أَلا تراهم مختّنين كَمَا تَرَى!

(فِرَارُ قَارِبٍ وَقَوْمِهِ وَشِعْرُ ابْنِ مِرْدَاسٍ فِي هِجَائِهِمْ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَتْ رَايَةُ الْأَحْلَافِ مَعَ قَارِبِ بْنِ الْأَسْوَدِ، فَلَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ أَسْنَدَ رَايَتَهُ إلَى شَجَرَةٍ، وَهَرَبَ هُوَ وَبَنُو عَمِّهِ وَقَوْمُهُ مِنْ الْأَحْلَافِ، فَلَمْ يُقْتَلْ مِنْ الْأَحْلَافِ غَيْرُ رَجُلَيْنِ: رَجُلٍ مِنْ غِيَرَةَ، يُقَالُ لَهُ وَهْبٌ، وَآخَرُ مِنْ بَنِي كُبَّةَ [٣] ، يُقَالُ لَهُ الْجُلَاحُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَلَغَهُ قَتْلُ الْجُلَاحِ: قُتِلَ الْيَوْمَ سَيِّدُ شَبَابِ ثَقِيفٍ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ ابْنِ هُنَيْدَةَ، يَعْنِي بِابْنِ هُنَيْدَةَ الْحَارِثَ بْنَ أُوَيْسٍ.

(قَصِيدَةٌ أُخْرَى لِابْنِ مِرْدَاسٍ) :

فَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ يَذْكُرُ قَارِبَ بْنَ الْأَسْوَدِ وَفِرَارَهُ مِنْ بَنِي أَبِيهِ، وَذَا الْخِمَارِ وَحَبْسَهُ قَوْمَهُ لِلْمَوْتِ:


[١] ذُو الْخمار: عَوْف بن الرّبيع.
[٢] الأغرل: هُوَ الّذي لَيْسَ بمختتن. والغرلة: هِيَ الْجلْدَة الَّتِي يقطعهَا الخاتن.
[٣] كَذَا فِي م، ر وَفِي أ «كنة» بالنُّون. قَالَ أَبُو ذَر: «.... وَرَوَاهُ الخشنيّ بِالْبَاء بِوَاحِدَة من أَسْفَل، وَهُوَ الصَّوَاب» .