للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ، فَحَمَلَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْغِنَى وَاحْتَسَبُوا [١] ، وَأَنْفَقَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي ذَلِكَ نَفَقَةً عَظِيمَةً، لَمْ يُنْفِقْ أَحَدٌ مِثْلَهَا.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَنْفَقَ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهمّ ارْضَ عَنْ عُثْمَانَ، فَإِنِّي عَنْهُ رَاض.

(شَأْن البكاءين) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ إنَّ رِجَالًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ الْبَكَّاءُونَ، وَهُمْ سَبْعَةُ نَفَرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: سَالِمُ ابْن عُمَيْرٍ، وَعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَخُو بَنِي حَارِثَةَ، وَأَبُو لَيْلَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ، أَخُو بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، وَعَمْرُو بْنُ حُمَامِ بْنِ الْجَمُوحِ، أَخُو بَنِي سَلِمَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ ابْن الْمُغَفَّلِ الْمُزَنِيُّ- وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: بَلْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ- وَهَرَمِيُّ ابْن عَبْدِ اللَّهِ، أَخُو بَنِي وَاقِفٍ، وَعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ الْفَزَارِيُّ. فَاسْتَحْمَلُوا [٢] رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا أَهْلَ حَاجَةِ، فَقَالَ: لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ، فَتَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ [٣] . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ يَامِينَ بْنِ عُمَيْرِ [٤] بْنِ كَعْب النّضرى لفي أَبَا لَيْلَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ وَهُمَا يَبْكِيَانِ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكُمَا؟

قَالَا: جِئْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَحْمِلَنَا، فَلَمْ نَجِدْ عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَهُ، فَأَعْطَاهُمَا نَاضِحًا [٥] لَهُ، فارتحلاه، وزوّدهما شَيْئًا مِنْ تَمْرٍ، فَخَرَجَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(شَأْنُ الْمُعَذِّرِينَ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَجَاءَهُ الْمُعَذِّرُونَ مِنْ الْأَعْرَابِ، فَاعْتَذَرُوا إلَيْهِ، فَلَمْ يَعْذِرْهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّهُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ.


[١] احتسبوا: أخرجُوا ذَلِك حسبَة، أَي جعلُوا أجر مَا بذلوا عِنْد الله.
[٢] استحملوه: طلبُوا مِنْهُ مَا يحملهم عَلَيْهِ.
[٣] فِي تَسْمِيَة بعض البكاءين خلاف فَليُرَاجع فِي شرح الزرقانى على الْمَوَاهِب اللدنية.
[٤] فِي الزرقانى على الْمَوَاهِب اللدنية: «لَقِي يَامِين بن عَمْرو» .
[٥] الناضح: الْجمل الّذي يستقى عَلَيْهِ المَاء.