للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(مَنْ دَخَلُوا فِي حِلْفِ الْمُطَيَّبِينَ) :

فَأَخْرَجَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ جَفْنَةً مَمْلُوءَةً طِيبًا. فَيَزْعُمُونَ أَنَّ بَعْضَ نِسَاءِ [١] بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، أَخْرَجَتْهَا لَهُمْ، فَوَضَعُوهَا لِأَحْلَافِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ غَمَسَ الْقَوْمُ أَيْدِيَهُمْ فِيهَا، فَتَعَاقَدُوا وَتَعَاهَدُوا هُمْ وَحَلْفَاؤُهُمْ، ثُمَّ مَسَحُوا الْكَعْبَةَ بِأَيْدِيهِمْ تَوْكِيدًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَسُمُّوا الْمُطَيَّبِينَ.

(مَنْ دَخَلُوا فِي حِلْفِ الْأَحْلَافِ) :

وَتَعَاقَدَ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ وَتَعَاهَدُوا هُمْ وَحُلَفَاؤُهُمْ عِنْدَ الْكَعْبَةِ حِلْفًا مُؤَكَّدًا، عَلَى أَنْ لَا يَتَخَاذَلُوا وَلَا يُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَسُمُّوا الْأَحْلَافَ [٢] .

(تَوْزِيعُ الْقَبَائِلِ فِي الْحَرْبِ) :

ثُمَّ سُونِدَ [٣] بَيْنَ الْقَبَائِلِ، وَلُزَّ [٤] بَعْضُهَا بِبَعْضِ، فَعُبِّيَتْ [٥] بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ لِبَنِي سَهْمٍ، وَعُبِّيَتْ بَنُو أَسَدٍ لِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَعُبِّيَتْ زُهْرَةُ لِبَنِي جُمَحَ، وَعُبِّيَتْ بَنُو تَيْمٍ لِبَنِي مَخْزُومٍ، وَعُبِّيَتْ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ فِهْرِ لِبَنِي عَدِّي بْنِ كَعْبٍ. ثُمَّ قَالُوا: لِتُفْنَ كُلُّ قَبِيلَةٍ مَنْ أُسْنِدَ إلَيْهَا.

(مَا تَصَالَحَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ) :

فَبَيْنَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ قَدْ أَجَمَعُوا لِلْحَرْبِ إذْ تَدَاعَوْا إلَى الصُّلْحِ، عَلَى أَنْ يُعْطُوا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ السِّقَايَةَ وَالرِّفَادَةَ، وَأَنْ تَكُونَ الْحِجَابَةُ وَاللِّوَاءُ وَالنَّدْوَةُ لِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ كَمَا كَانَتْ. فَفَعَلُوا وَرَضِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ بِذَلِكَ، وَتَحَاجَزَ النَّاسُ عَنْ الْحَرْبِ، وَثَبَتَ كُلُّ قَوْمٍ مَعَ مَنْ حَالَفُوا، فَلَمْ يَزَالُوا عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى جَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ يَزِدْهُ إلَّا شِدَّةً» [٦] .


[١] يُقَال: إِن الَّتِي أخرجت لَهُم الْجَفْنَة هِيَ أم حَكِيم الْبَيْضَاء بنت عبد الْمطلب عمَّة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتوأمة أَبِيه. (رَاجع الرَّوْض الْأنف، وَشرح السِّيرَة) .
[٢] وَيُقَال إِن عمر كَانَ من الأحلاف، وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بكر من المطيبين.
[٣] المساندة: الْمُقَابلَة والمعاونة.
[٤] لز: أَي شدّ بَعْضهَا بِبَعْض.
[٥] رَاجع الْحَاشِيَة (رقم ٢ ص ٥٢) .
[٦] يُرِيد المعاقدة على الْخَيْر ونصرة الْحق. وبذا يجْتَمع هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث آخر لَهُ صلى الله عَلَيْهِ