للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ خَرَجَ «لَا» أَخَّرُوهُ عَامَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتُوهُ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى، يَنْتَهُونَ فِي أُمُورِهِمْ إلَى ذَلِكَ مِمَّا خَرَجَتْ بِهِ الْقِدَاحُ

[١] .

(عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَأَوْلَادُهُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْقِدَاحِ) :

فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِصَاحِبِ الْقِدَاحِ: اضْرِبْ عَلَى بَنِيَّ هَؤُلَاءِ بِقِدَاحِهِمْ هَذِهِ وَأَخْبَرَهُ بِنَذْرِهِ الَّذِي نَذَرَ، فَأَعْطَاهُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قِدْحَهُ الَّذِي فِيهِ اسْمُهُ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَصْغَرَ بَنِي [٢] أَبِيهِ، كَانَ هُوَ وَالزُّبَيْرُ وَأَبُو طَالِبٍ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَائِذُ بْنُ عِمْرَانَ بْنُ مَخْزُومٍ [٣] .

(خُرُوجُ الْقَدَحِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَشُرُوعُ أَبِيهِ فِي ذَبْحِهِ، وَمَنْعُ قُرَيْشٍ لَهُ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ- فِيمَا يَزْعُمُونَ- أَحَبَّ وَلَدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إلَيْهِ، فَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَرَى أَنَّ السَّهْمَ إذَا أَخَطَأَهُ فَقَدْ أَشْوَى [٤] ، وَهُوَ أَبُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا أَخَذَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ الْقِدَاحَ لِيَضْرِبَ بِهَا، قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ هُبَلَ يَدْعُو اللَّهَ، ثُمَّ ضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِيَدِهِ وَأَخَذَ الشَّفْرَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ إلَى إسَافٍ وَنَائِلَةٍ لِيَذْبَحَهُ، فَقَامَتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ مِنْ أَنْدِيَتِهَا، فَقَالُوا: مَاذَا تُرِيدُ يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ: أَذْبَحُهُ، فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ: وَاَللَّهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا حَتَّى تُعْذِرَ فِيهِ. لَئِنْ فَعَلْتَ هَذَا لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَأْتِي بِابْنِهِ حَتَّى يَذْبَحَهُ، فَمَا بَقَاءُ النَّاسِ عَلَى هَذَا! وَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ


[١] وَقد عرض الآلوسي فِي كِتَابه بُلُوغ الأرب فِي أَحْوَال الْعَرَب (ج ٣ ص ٧٠- ٧٥) للْكَلَام على القداح بإسهاب وتفصيل فَارْجِع إِلَيْهِ.
[٢] الظَّاهِر أَنه يُرِيد أَن عبد الله كَانَ أَصْغَر ولد أَبِيه حِين أَرَادَ نَحره، أَو لَعَلَّ الرِّوَايَة «أَصْغَر بنى أمه» . وَإِلَّا فالمعروف أَن حَمْزَة كَانَ أَصْغَر من عبد الله، وَالْعَبَّاس كَانَ أَصْغَر من حَمْزَة، وَقد ذكر عَن الْعَبَّاس رضى الله عَنهُ أَنه قَالَ: أذكر مولد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنا ابْن ثَلَاثَة أَعْوَام أَو نَحْوهَا، فجيء بى حَتَّى نظرت إِلَيْهِ، وَجعل النسْوَة يقلن لي: قبل أَخَاك، قبل أَخَاك، فقبلته. وَفِي هَذَا دَلِيل على أَن عبد الله لَيْسَ أَصْغَر أَوْلَاد عبد الْمطلب. (رَاجع الرَّوْض الْأنف) .
[٣] وَهَذَا الرأى- رأى ابْن هِشَام- هُوَ الْأَصَح، فقد ذكر الزبيريون أَن «عبدا» . هُوَ أَخُو عَائِذ ابْن عمرَان، وَأَن بنت عبد هِيَ صَخْرَة امْرَأَة عَمْرو بن عَائِذ، على قَول ابْن إِسْحَاق، إِن عَائِذ: هُوَ ابْن عبد، تكون صَخْرَة عمَّة لعائذ، وعَلى قَول ابْن هِشَام بنت عَمه. (رَاجع الرَّوْض الْأنف) .
[٤] أشوى: أبقى، يُقَال: أشويت من الطَّعَام: إِذا أبقيت.