للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(شِعْرُ الزَّبِيرِ فِي الْحَيَّةِ الَّتِي كَانَتْ قُرَيْشٌ تَهَابُ بُنْيَانَ الْكَعْبَةِ لَهَا) :

وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تسمّى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قبل أَن ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي: الْأمين. فَلَمَّا فرغوا من الْبُنيان، وبنوها على مَا أَرَادوا، قَالَ الزّبير بن عبد الْمطلب، فِيمَا كَانَ من أَمر الحيّة الَّتِي كَانَت قُرَيْشٌ تَهَابُ بُنْيَانَ الْكَعْبَةِ لَهَا:

عَجِبْتُ لِمَا تَصَوَّبَتْ الْعُقَابُ ... إلَى الثُّعْبَانِ وَهِيَ لَهَا اضْطِرَابُ

وَقَدْ كَانَتْ يَكُونُ لَهَا كَشِيشٌ ... وَأَحْيَانًا يَكُونُ لَهَا وِثَابُ [١]

إذَا قُمْنَا إلَى التَّأْسِيسِ شَدَّتْ ... تُهَيِّبُنَا الْبِنَاءَ وَقَدْ تُهَابُ

فَلَمَّا أَنَّ خَشِينَا الرِّجْزَ [٢] جَاءَتْ ... عُقَابٌ تَتْلَئِبُّ [٣] لَهَا انْصِبَابُ

فَضَمَّتْهَا إلَيْهَا ثُمَّ خَلَّتْ ... لَنَا الْبُنْيَانَ لَيْسَ لَهُ حِجَابُ

فَقُمْنَا حَاشِدِينَ إلَى بِنَاءٍ ... لَنَا مِنْهُ الْقَوَاعِدُ وَالتُّرَابُ

غَدَاةَ نَرْفَعُ التَّأْسِيسَ مِنْهُ ... وَلَيْسَ عَلَى مُسَوِّينَا [٤] ثِيَابُ [٥]

أَعَزَّ بِهِ الْمَلِيكُ بَنِي لُؤَيٍّ ... فَلَيْسَ لِأَصْلِهِ مِنْهُمْ ذَهَابُ

وَقَدْ حَشَدَتْ هُنَاكَ بَنُو عَدِيٍّ ... وَمُرَّةُ قَدْ تَقَدَّمَهَا كِلَابُ

فَبَوَّأَنَا [٦] الْمَلِيكُ بِذَاكَ عِزًّا ... وَعِنْدَ اللَّهِ يُلْتَمَسُ الثَّوَابُ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى:

وَلَيْسَ عَلَى مَسَاوِينَا [٧] ثِيَابُ

(ارْتِفَاعُ الْكَعْبَةِ وَأَوَّلُ مَنْ كَسَاهَا الدِّيبَاجَ) :

وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِي عَشْرَةَ ذِرَاعًا،


[١] الوثاب: الْوُثُوب.
[٢] الرجز: الْعَذَاب. ويروى: «الزّجر» وَهُوَ الْمَنْع.
[٣] تتلئب: تتَابع فِي انقضاضها.
[٤] كَذَا فِي أ. يُرِيد بِهِ مسوى الْبُنيان. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «مسوبنا» بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ تَصْحِيف.
[٥] لقد كَانُوا ينقلون الْحِجَارَة عُرَاة ويرون ذَلِك دينا، وَأَنه من بَاب التشمير وَالْجد فِي الطَّاعَة.
[٦] بوأنا: أحلنا وأوطننا.
[٧] يُرِيد بالمساوي: السوآت.