للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ نُصْحِي وَنَفْسِي، أَيْ جَهَدْتُ لَهُ. إِنَّا جَعَلْنا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ١٨: ٧.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: أَيْ أَيُّهُمْ أَتْبَعُ لِأَمْرِي، وَأَعْمَلُ بِطَاعَتِي. وَإِنَّا لَجاعِلُونَ مَا عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً ١٨: ٨: أَيْ الْأَرْضِ، وَإِنَّ مَا عَلَيْهَا لَفَانٍ وَزَائِلٌ، وَإِنَّ الْمَرْجِعَ إلَيَّ، فَأَجْزِي كُلًّا بِعَمَلِهِ، فَلَا تَأْسَ وَلَا يَحْزُنْكَ مَا تَسْمَعُ وَتَرَى فِيهَا.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الصَّعِيدُ: الْأَرْضُ، وَجَمْعُهُ: صُعُدٌ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ظَبْيًا صَغِيرًا:

كَأَنَّهُ بِالضُّحَى تَرْمِي الصَّعِيدَ بِهِ ... دَبَّابَةٌ فِي عِظَامِ الرَّأْسِ خُرْطُومُ [١]

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَالصَّعِيدُ (أَيْضًا) : الطَّرِيقُ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:

إيَّاكُمْ وَالْقُعُودَ عَلَى الصُّعَدَاتِ. يُرِيدُ الطُّرُقَ. وَالْجُرُزُ: الْأَرْضُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وَجَمْعُهَا: أَجْرَازٌ. وَيُقَالُ: سَنَةٌ جُرُزٌ، وَسُنُونَ أَجْرَازٌ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَكُونُ فِيهَا مَطَرٌ، وَتَكُونُ فِيهَا جُدُوبَةٌ وَيُبْسٌ وَشِدَّةٌ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ إبِلا:

طوى النحز [٢] وَالْأَجْرَازُ مَا فِي بُطُونِهَا ... فَمَا بَقِيَتْ إلَّا الضُّلُوعُ الْجَرَاشِعُ [٣]

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.

(مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ اسْتَقْبَلَ قِصَّةَ الْخَبَرِ فِيمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ شَأْنِ الْفِتْيَةِ، فَقَالَ:

أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ١٨: ٩: أَيْ قَدْ كَانَ مِنْ آيَاتِي فِيمَا وَضَعْتُ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ حُجَجِي مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَالرَّقِيمُ: الْكِتَابُ الَّذِي رُقِمَ فِيهِ بِخَبَرِهِمْ [٤] ، وَجَمْعُهُ: رُقُمٌ.

قَالَ الْعَجَّاجُ:


[١] كَذَا فِي أ. والدبابة: الْخمر. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «ذُبَابَة» . وَهُوَ تَصْحِيف. والخرطوم:
الْخمر أَيْضا.
[٢] كَذَا فِي أ. والنحز: النخس. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «النَّحْر» . بالراء الْمُهْملَة، وَهُوَ تَصْحِيف.
[٣] الجراشع: المنتفخة المتسعة، وَاحِدهَا: جرشع.
[٤] كَمَا قيل بِأَن الرقيم هُوَ اسْم الْجَبَل الّذي كَانَ فِيهِ الْكَهْف، أَو اسْم الْقرْيَة الَّتِي كَانُوا فِيهَا، كَمَا قيل بِأَنَّهُ الدواة، حَكَاهُ ابْن دُرَيْد.