للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ابْن الْمُغِيرَةِ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَبِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، فَهَمَزُوهُ [١] وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ، فَغَاظَهُ ذَلِكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ، فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ٦: ١٠

ذِكْرُ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ الْمُطَّلِبِيِّ قَالَ:

ثُمَّ أُسْرِيَ [٢] بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ مِنْ إيلِيَاء [٣] ، وَقَدْ فَشَا الْإِسْلَامُ بِمَكَّةَ فِي قُرَيْشٍ، وَفِي الْقَبَائِلِ كُلِّهَا.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: كَانَ مِنْ الْحَدِيثِ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْ مَسْرَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ (الْبَصْرِيِّ) ، وَابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأُمِّ هَانِئِ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، مَا اجْتَمَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، كُلٌّ يُحَدِّثُ عَنْهُ بَعْضَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَمْرِهِ حِينَ أُسْرِيَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ فِي مَسْرَاهُ، وَمَا ذُكِرَ عَنْهُ بَلَاءٌ وَتَمْحِيصٌ، وَأَمْرٌ مِنْ أَمْرِ


[١] كَذَا فِي أ، ط. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «فَغَمَزُوهُ وهمزوه ... إِلَخ» .
[٢] قَالَ السهيليّ: «اتّفقت الروَاة على تَسْمِيَته إسراء وَلم يسمه أحد مِنْهُم «سرى» وَإِن كَانَ أهل اللُّغَة قد قَالُوا: سرى وَأسرى، بِمَعْنى وَاحِد، فَدلَّ على أَن أهل اللُّغَة لم يحققوا الْعبارَة، وَذَلِكَ أَن الْقُرَّاء لم يَخْتَلِفُوا فِي التِّلَاوَة من قَوْله: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ ١٧: ١. وَلم يقل: سرى، وَقَالَ: اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ ٨٩: ٤.
وَلم يقل: «يسرى» فَدلَّ على أَن «السّري» من «سريت» إِذا سرت لَيْلًا وَهِي مُؤَنّثَة تَقول: طَالَتْ سراك اللَّيْلَة والاسراء مُتَعَدٍّ فِي الْمَعْنى، وَلَكِن حذف مَفْعُوله كثيرا حَتَّى ظن أهل اللُّغَة أَنَّهُمَا بِمَعْنى وَاحِد لما رأوهما غير متعديين إِلَى مفعول فِي اللَّفْظ، وَإِنَّمَا «أَسْرى بِعَبْدِهِ ١٧: ١» : أَي جعل الْبراق يسرى كَمَا تَقول: أمضيته أَي جعلته يمضى. لَكِن كثر حذف الْمَفْعُول لقُوَّة الدّلَالَة عَلَيْهِ أَو للاستغناء عَن ذكره، إِذْ الْمَقْصُود بالْخبر ذكر مُحَمَّد لَا ذكر الدَّابَّة الَّتِي سَارَتْ بِهِ، وَجَاز فِي قصَّة لوط عَلَيْهِ السَّلَام أَن يُقَال لَهُ: «فَأسر بأهلك» أَي سر بهم، وَأَن يقْرَأ: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ١١: ٨١ بِالْقطعِ، أَي فَأسر بهم مَا يتحملون عَلَيْهِ من دَابَّة أَو نَحْوهَا، وَلم يتَصَوَّر ذَلِك فِي السّري بالنبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ لَا يجوز أَن يُقَال: «سرى بِعَبْدِهِ» بِوَجْه من الْوُجُوه، فَلذَلِك لم تأت التِّلَاوَة إِلَّا بِوَجْه وَاحِد فِي هَذِه الْقِصَّة» .
[٣] إيلياء (بِكَسْر أَوله وَاللَّام وياء وَألف ممدودة) : مَدِينَة بَيت الْمُقَدّس.