للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِمَا بُعِثَ بِهِ. قَالَ: فَقَالَتْ: أَيْ ابْنَ أَخِي، أَهُوَ النَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُ يُبْعَثُ مَعَ نَفْسِ السَّاعَةِ [١] ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: نَعَمْ. قَالَ: فَقَالَتْ: فَذَاكَ إِذا. قَالَ:

ثُمَّ خَرَجْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إلَى أَهْلِ بَيْتِي، فَأَمَرْتُهُمْ فَأَسْلَمُوا.

(قَوْمُهُ يُكَذِّبُونَهُ وَلَا يَتَّبِعُونَهُ) :

قَالَ: وَكَتَمْتُ إسْلَامِي مِنْ يَهُودَ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ يَهُودَ قَوْمٌ بُهْتٌ [٢] ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُدْخِلَنِي فِي بَعْضِ بُيُوتِكَ، وَتُغَيِّبَنِي عَنْهُمْ، ثُمَّ تَسْأَلُهُمْ عَنِّي، حَتَّى يُخْبِرُوكَ كَيْفَ أَنَا فِيهِمْ، قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي، فَإِنَّهُمْ إنْ عَلِمُوا بِهِ بَهَتُونِي وَعَابُونِي. قَالَ: فَأَدْخَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ بُيُوتِهِ، وَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَكَلَّمُوهُ وَسَاءَلُوهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّ رَجُلٍ الْحُصَيْنُ بْنُ سَلَامٍ فِيكُمْ؟ قَالُوا: سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَحَبْرُنَا وَعَالِمُنَا. قَالَ: فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ قَوْلِهِمْ خَرَجْتُ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، اتَّقُوا اللَّهَ وَاقْبَلُوا مَا جَاءَكُم بِهِ، فو الله إنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ إنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ، تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَكُمْ فِي التَّوْرَاةِ بِاسْمِهِ وَصِفَتِهِ، فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ وَأَعْرِفُهُ، فَقَالُوا: كَذَبْتَ ثُمَّ وَقَعُوا بِي، قَالَ: فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَمْ أُخْبِرْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ بُهْتٌ، أَهْلُ غَدْرٍ وَكَذِبٍ وَفُجُورٍ! قَالَ: فَأَظْهَرْتُ إسْلَامِي وَإِسْلَامُ أَهْلِ بَيْتِي، وَأَسْلَمَتْ عَمَّتِي خَالِدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، فَحَسُنَ إسْلَامُهَا.


[١] قَالَ السهيليّ: هَذَا الْكَلَام فِي معنى قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: إِنِّي لأجد نفس السَّاعَة بَين كَتِفي. وَفِي معنى قَوْله: نَذِير لكم بَين يَدي عَذَاب شَدِيد. وَمن كَانَ بَين يَدي طَالبه فَنَفْس الطَّالِب بَين كَتفيهِ.
وَكَأن النَّفس فِي هَذَا الحَدِيث عبارَة عَن الْفِتَن المؤذنة بِقِيَام السَّاعَة، وَكَانَ بدؤها حِين ولى أمته ظَهره خَارِجا من بَين ظهرانيهم إِلَى الله تَعَالَى، أَلا ترَاهُ يَقُول فِي حَدِيث آخر: أَنا أَمَان لأمتى، فَإِذا ذهبت أَتَى أمتى مَا يوعدون. فَكَانَت بعده الْفِتْنَة ثمَّ الْهَرج الْمُتَّصِل بِيَوْم الْقِيَامَة. وَنَحْو من هَذَا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: «بعثت أَنا والساعة كهاتين» يعْنى السبابَة وَالْوُسْطَى.
[٢] البهت: الْبَاطِل.