للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبْعَدَكَ اللَّهُ يَا مُنَافِقُ، فَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ مِنْ الْعَذَابِ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا تَقْرَبَنَّ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: اللَّدْمُ: الضَّرْبُ بِبَطْنِ الْكَفِّ. قَالَ تَمِيمُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ مُقْبِلٍ:

وَلِلْفُؤَادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبْهَرِهِ ... لَدْمَ الْوَلِيدِ وَرَاءَ الْغَيْبِ بِالْحَجَرِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْغَيْبُ: مَا انْخَفَضَ مِنْ الْأَرْضِ. وَالْأَبْهَرُ: عِرْقُ الْقَلْبِ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَامَ أَبُو مُحَمَّدٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، كَانَ بَدْرِيًّا، وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَسْعُودُ بْنُ أَوْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَصْرَمِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ إلَى قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ، وَكَانَ قَيْسٌ غُلَامًا شَابًّا، وَكَانَ لَا يُعْلَمُ فِي الْمُنَافِقِينَ شَابٌّ غَيْرُهُ، فَجَعَلَ يَدْفَعُ فِي قَفَاهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ.

وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَلْخُدْرَةَ [١] بْنِ الْخَزْرَجِ، رَهْطِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، يُقَالُ لَهُ:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، حَيْنَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِخْرَاجِ الْمُنَافِقِينَ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَ ذَا جُمَّةٍ، فَأَخَذَ بِجُمَّتِهِ فَسَحَبَهُ بِهَا سَحْبًا عَنِيفًا، عَلَى مَا مَرَّ بِهِ مِنْ الْأَرْضِ، حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ. قَالَ:

يَقُولُ الْمُنَافِقُ: لَقَدْ أَغْلَظْتَ يَا بن الْحَارِثِ، فَقَالَ لَهُ، إنَّكَ أَهْلٌ لِذَلِكَ، أَيْ عَدُوُّ اللَّهِ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ، فَلَا تَقْرَبَنَّ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّكَ نَجِسٌ.

وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إلَى أَخِيهِ زُوَيِّ بْنِ الْحَارِثِ، فَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ إخْرَاجًا عَنِيفًا، وَأَفَّفَ [٢] مِنْهُ، وَقَالَ: غَلَبَ عَلَيْكَ الشَّيْطَانُ وَأَمْرُهُ.

فَهَؤُلَاءِ مَنْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ يَوْمئِذٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِخْرَاجِهِمْ.


[١] بلخدرة، يُرِيد بنى الخدرة: وَقد ذكر أَبُو ذَر فِيهِ رِوَايَة أُخْرَى على أَنَّهَا فِي الأَصْل، فَقَالَ:
«وَقَامَ رجل من بلبجرة، صَوَابه: من بلأبجر، يُرِيد بنى الأبجر، فَحذف، كَمَا يُقَال فِي بنى الْحَارِث:
بلحارث. وَقد يخرج مَا ذكر على نقل الْحَرَكَة. وَرَوَاهُ بَعضهم بلخدرة، يُرِيد بنى الخدرة» .
[٢] أفف مِنْهُ، أَي قَالَ لَهُ: أُفٍّ.
٣٤- سيرة ابْن هِشَام- ١