للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَمَا حَامَتْ فَوَارِسُكُمْ بِبَدْرٍ ... وَلَا صَبَرُوا بِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ [١]

وَرَدْنَاهُ بِنُورِ اللَّهِ يَجْلُو ... دُجَى الظَّلْمَاءِ عَنَّا وَالْغِطَاءِ

رَسُولُ اللَّهِ يَقْدُمُنَا بِأَمْرٍ ... مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أُحْكِمَ بِالْقَضَاءِ

فَمَا ظَفَرَتْ فَوَارِسُكُمْ بِبَدْرِ ... وَمَا رَجَعُوا إلَيْكُمْ بِالسَّوَاءِ

فَلَا تَعْجَلْ أَبَا سُفْيَانَ وَارْقُبْ ... جِيَادَ الْخَيْلِ تَطْلُعُ مِنْ كَدَاءِ [٢]

بِنَصْرِ اللَّهِ رُوحُ الْقُدْسِ فِيهَا ... وَمِيكَالُ، فَيَا طِيبَ الْمَلَاءِ [٣]

(شِعْرُ طَالِبٍ فِي مَدْحِ الرَّسُولِ وَبُكَاءِ أَصْحَابِ الْقَلِيبِ) :

وَقَالَ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، يَمْدَحُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَبْكِي أَصْحَابَ الْقَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ:

أَلَا إنَّ عَيْنِي أَنْفَدَتْ دَمْعَهَا سَكْبًا ... تُبَكِّي عَلَى كَعْبٍ وَمَا إنْ تَرَى كَعْبَا

أَلَا إنَّ كَعْبًا فِي الْحُرُوبِ تَخَاذَلُوا ... وَأَرْدَاهُمْ [٤] ذَا الدَّهْرُ وَاجْتَرَحُوا ذَنْبًا،

وَعَامِرٌ تَبْكِي للملمّات غدْوَة ... فيا لَيْت شِعْرِي هَلْ أَرَى لَهُمَا قُرْبًا

هُمَا أَخَوَايَ لَنْ يُعَدَّا لِغَيَّةِ ... تُعَدُّ وَلَنْ يُسْتَامُ جَارُهُمَا غَصْبَا [٥]

فَيَا أَخَوَيْنَا عَبْدَ شمس ونوفلا ... فدى لَكُمَا لَا تَبْعَثُوا بَيْنَنَا حَرْبًا

وَلَا تُصْبِحُوا مِنْ بَعْدِ وُدٍّ وَأُلْفَةٍ ... أَحَادِيثَ فِيهَا كُلُّكُمْ يَشْتَكِي النَّكْبَا [٦]

أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا كَانَ فِي حَرْبِ دَاحِسٍ ... وَجَيْشِ أَبِي يَكْسُومٍ إذْ مَلَئُوا الشِّعْبَا [٧]

فَلَوْلَا دِفَاعُ اللَّهِ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ ... لَأَصْبَحْتُمْ لَا تَمْنَعُونَ لَكُمْ سِرْبًا [٨]


[١] حامت: امْتنعت، من الحماية، وَهِي الِامْتِنَاع.
[٢] كداء. (بِفَتْح الْكَاف وَالْمدّ) : مَوضِع بِمَكَّة.
[٣] الملاء، أَرَادَ الْمَلأ، وهم أَشْرَاف الْقَوْم وسادتهم.
[٤] أرداهم: أهلكهم. واجترحوا: اكتسبوا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى،: «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ ٤٥: ٢١» .
[٥] يُقَال: هُوَ لغية، إِذا كَانَ لغير أَبِيه، كَمَا يُقَال: هُوَ لرشدة، إِذا كَانَ لِأَبِيهِ.
[٦] النكب: يُرِيد نكبات الدَّهْر.
[٧] داحس: اسْم فرس، كَانَت حَرْب بِسَبَبِهِ. وَأَبُو يكسوم: ملك من مُلُوك الْحَبَشَة، وَقد مر حَدِيثه فِي الْجُزْء الأول من هَذَا الْكتاب.
[٨] السرب (بِالْفَتْح) : الْإِبِل الراعية. والسرب (بِالْكَسْرِ) : الْقَوْم، وَيُقَال النَّفس وَمِنْه الحَدِيث:
«أصبح آمنا فِي سربه» .