للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْن سَعْدِ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ مَازِنٍ بْنِ عَدِيِّ بْنِ جُشَمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ مُشْرِكًا وَكَانَ مَرَّ بهُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبٍ [١] وَهُمْ مُنْهَزِمُونَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ أَعْيَا هُبَيْرَةُ، فَقَامَ فَأَلْقَى عَنْهُ دِرْعَهُ وَحَمَلَهُ فَمَضَى بِهِ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ أَصَحُّ أَشْعَارِ أَهْلِ بَدْرٍ:

وَلَمَّا أَنْ رَأَيْتُ الْقَوْمَ خَفُّوا ... وَقَدْ زَالَتْ [٢] نَعَامَتُهُمْ لِنَفْرِ

وَأَنْ تُرِكَتْ سَرَاةُ الْقَوْمِ صَرْعَى ... كَأَنَّ خِيَارَهُمْ أَذْبَاحُ عِتْرِ [٣]

وَكَانَتْ جُمَّةٌ [٤] وَافَتْ حِمَامًا ... وَلُقِّينَا الْمَنَايَا يَوْمَ بَدْرِ

نَصُدُّ عَنْ الطَّرِيقِ وَأَدْرَكُونَا ... كَأَنَّ زُهَاءَهُمْ غَطَيَانُ بَحْرِ [٥]

وَقَالَ الْقَائِلُونَ: مَنْ ابْنُ قَيْسٍ؟ ... فَقُلْتُ: أَبُو أُسَامَةَ، غَيْرَ فَخْرِ

أَنَا الْجُشَمِيُّ كَيْمَا تَعْرِفُونِي ... أُبَيِّنْ نِسْبَتِي نَقْرًا بِنَقْرِ [٦]

فَإِنْ تَكُ فِي الْغَلَاصِمِ مِنْ قُرَيْشٍ ... فَإِنِّي مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ [٧]


[١] فِي م، ر: (رهم) .
[٢] كَذَا فِي أ، وَشرح السِّيرَة، وَالرَّوْض. وَفِي سَائِر الْأُصُول «شالت» . قَالَ السهيليّ: «الْعَرَب تضرب زَوَال النعامة مثلا للفرار، وَتقول شالت نعَامَة الْقَوْم: إِذا فروا وهلكوا. والنعامة (فِي اللُّغَة) :
بَاطِن الْقدَم، وَمن مَاتَ فقد شالت رجله، أَي ارْتَفَعت، وَظَهَرت نعامته. والنعامة (أَيْضا) : الظلمَة.
وَابْن النعامة: عرق فِي بَاطِن الْقدَم. فَيجوز أَن يكون قَوْله: زَالَت نعامهم، كَمَا يُقَال، زَالَ سوَاده، وضحا ظله: إِذا مَاتَ. وَجَائِز أَن يكون ضرب النعامة مثلا، وَهُوَ الظَّاهِر فِي بَيت أَبى أُسَامَة، لِأَنَّهُ قَالَ:
زَالَت نعامتهم لنفر. وَالْعرب تَقول: أشرد من نعَامَة وأنفر من نعَامَة.... فَإِذا قلت: زَالَت نعامته، فَمَعْنَاه: نفرت نَفسه الَّتِي هِيَ كالنعامة فِي شرودها» .
[٣] سراة الْقَوْم: خيارهم. والعتر: الصَّنَم الّذي يذبح لَهُ.
[٤] كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول، وَفِي أ: «حمة» بِالْحَاء الْمُهْملَة، قَالَ أَبُو ذَر: «من رَوَاهُ بِالْجِيم:
فَمَعْنَاه الْجَمَاعَة من النَّاس، وَأكْثر مَا يُقَال فِي الْجَمَاعَة الَّذين يأْتونَ يسْأَلُون فِي الدِّيَة، وَمن رَوَاهُ: حمة، بِالْحَاء الْمُهْملَة، فَمَعْنَاه: قرَابَة وأصدقاء، من الْحَمِيم، وَهُوَ الْقَرِيب» . وَقَالَ السهيليّ: «الْحمة: السوَاد، والحمة: الْفرْقَة، فَإِن كَانَ أَرَادَ بالحمة سَواد الْقَوْم فَلهُ وَجه، وَإِن كَانَ أَرَادَ الْفرْقَة مِنْهُم فَهُوَ أوجه» .
[٥] غطيان بَحر، أَي فيضانه.
[٦] قَالَ السهيليّ: النقر: الطعْن فِي النّسَب، يَقُول: إِن طعنتم فِي نسبي وعبتموه بيّنت الْحق، ونفرت فِي أنسابكم، أَي عبتها وجازيت على النقر بالنقر. وَقَالَت جَارِيَة من الْعَرَب: مروا بى على بنى نَظَرِي- تعنى الفتيان الَّذين ينظرُونَ إِلَيْهَا- وَلَا تمروا بى على بَنَات نقرى. تعنى النِّسَاء اللواتي ينقرن، أَي يعبن.
[٧] الغلاصم: الأعالي من النّسَب. وأصل الغلصمة: الْحُلْقُوم الّذي يجرى عَلَيْهِ الطَّعَام وَالشرَاب.