للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّاحِمِينَ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدِيَهُ، فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدِيَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَزَادَهُ ذَلِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا.

(مَقْتَلُ حَاطِبٍ وَمَقَالَةُ أَبِيهِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ كَانَ يُدْعَى حَاطِبَ بْنَ أُمِّيَّةَ بْنِ رَافِعٍ، وَكَانَ لَهُ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ حَاطِبٍ، أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأُتِيَ بِهِ إلَى دَارِ قَوْمِهِ وَهُوَ بِالْمَوْتِ، فَاجْتَمَعَ إلَيْهِ أَهْلُ الدَّارِ، فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَقُولُونَ لَهُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ: أَبْشِرْ يَا بن حَاطِبٍ بِالْجَنَّةِ، قَالَ: وَكَانَ حَاطِبٌ شَيْخًا قَدْ عَسَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَنَجَمَ يَوْمئِذٍ نِفَاقُهُ، فَقَالَ: بِأَيِّ شَيْءٍ تُبَشِّرُونَهُ؟ بِجَنَّةٍ مِنْ حَرْمَلٍ [١] ! غَرَرْتُمْ وَاَللَّهِ هَذَا الْغُلَامَ مِنْ نَفْسِهِ.

(مَقْتَلُ قُزْمَانَ مُنَافِقًا كَمَا حَدَّثَ الرَّسُولُ بِذَلِكَ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ فِينَا رَجُلٌ أَتَى [٢] لَا يُدْرَى مِمَّنْ هُوَ، يُقَالُ لَهُ: قُزْمَانُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، إذَا ذُكِرَ لَهُ: إنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا، فَقَتَلَ وَحْدَهُ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ ذَا بَأْسٍ، فَأَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، فَاحْتُمِلَ إلَى دَارِ بَنِي ظَفَرٍ، قَالَ: فَجَعَلَ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ لَهُ: وَاَللَّهِ لَقَدْ أَبْلَيْتَ الْيَوْمَ يَا قُزْمَانُ، فأبشر، قَالَ: بِمَاذَا أبشر؟ فو الله إنْ قَاتَلْتُ إلَّا عَنْ أَحْسَابِ قَوْمِي، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا قَاتَلْتُ. قَالَ: فَلَمَّا اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ جِرَاحَتُهُ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، فَقَتَلَ بِهِ نَفْسَهُ.

(قَتْلُ مُخَيْرِيقٍ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ مُخَيْرِيقَ، وَكَانَ أَحَدَ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ الْفِطْيُونِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، قَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، وَاَللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ نَصْرَ مُحَمَّدٍ عَلَيْكُمْ لَحَقٌّ، قَالُوا: إنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ السَّبْتِ، قَالَ: لَا سَبْتَ لَكُمْ.


[١] قَالَ السهيليّ: «من حرمل، يُرِيد الأَرْض الَّتِي دفن فِيهَا، وَكَانَت تنْبت الحرمل، أَي لَيْسَ لَهُ جنَّة إِلَّا ذَاك» .
[٢] أَتَى: غَرِيب.