للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي أُحُدٍ مِنْ الْقُرْآنِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ الْمُطَّلِبِيِّ، قَالَ: فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي يَوْمِ أُحُدٍ مِنْ الْقُرْآنِ سِتُّونَ آيَةً مِنْ آلِ عِمْرَانَ، فِيهَا صِفَةُ مَا كَانَ فِي يَوْمِهِمْ ذَلِكَ، وَمُعَاتَبَةُ مَنْ عَاتَبَ مِنْهُمْ، يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ، وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ» ٣: ١٢١.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ: تَتَّخِذُ لَهُمْ مَقَاعِدَ وَمَنَازِلَ. قَالَ الْكُمَيْتُ ابْن زَيْدٍ:

لَيْتَنِي كُنْتُ قَبْلَهُ ... قَدْ تَبَوَّأْتُ مَضْجَعَا

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ.

أَيْ سَمِيعٌ بِمَا تَقُولُونَ، عَلِيمٌ بِمَا تُخْفُونَ.

«إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا ٣: ١٢٢» : أَنْ تَتَخَاذَلَا، وَالطَّائِفَتَانِ:

بَنُو سَلَمَةَ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَبَنُو حَارِثَةَ بْنِ النَّبِيتُ مِنْ الْأَوْسِ، وَهُمَا الْجَنَاحَانِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَالله وَلِيُّهُما ٣: ١٢٢» : أَيْ الْمُدَافِعُ عَنْهُمَا مَا هَمَّتَا بِهِ مِنْ فَشَلِهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا عَنْ ضَعْفٍ وَوَهَنٍ أَصَابَهُمَا غَيْرَ شَكٍّ فِي دِينِهِمَا، فَتَوَلَّى دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمَا بِرَحْمَتِهِ وَعَائِدَتِهِ، حَتَّى سَلِمَتَا مِنْ وُهُونِهِمَا وَضَعْفِهِمَا، وَلَحِقَتَا بِنَبِيِّهِمَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ الْأَسْدِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ: قَالَتْ الطَّائِفَتَانِ:

مَا نُحِبُّ أَنَّا لَمْ نَهُمَّ بِمَا هَمَمْنَا بِهِ، لَتَوَلَّى اللَّهُ إيَّانَا فِي ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ٣: ١٢٢» :

أَيْ مَنْ كَانَ بِهِ ضَعْفٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَيَّ، وَلْيَسْتَعِنْ بِي، أُعِنْهُ عَلَى أَمْرِهِ، وَأُدَافِعْ عَنْهُ، حَتَّى أَبْلُغَ بِهِ، وَأَدْفَعَ عَنْهُ، وَأُقَوِّيَهُ عَلَى نِيَّتِهِ. «وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» ٣: ١٢٣: