للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِتُرِيهِمْ أَنَّكَ تَسْمَعُ مِنْهُمْ، وَتَسْتَعِينُ بِهِمْ، وَإِنْ كُنْتُ غَنِيًّا عَنْهُمْ، تَأَلُّفًا لَهُمْ بِذَلِكَ عَلَى دِينِهِمْ فَإِذا عَزَمْتَ ٣: ١٥٩: أَيْ عَلَى أَمْرٍ جَاءَكَ مِنِّي وَأَمْرٍ مِنْ دِينِكَ فِي جِهَادِ عَدُوِّكَ لَا يُصْلِحُكَ وَلَا يُصْلِحُهُمْ إلَّا ذَلِكَ، فَامْضِ عَلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ، عَلَى خِلَافِ مَنْ خَالَفَكَ، وَمُوَافَقَةِ من وَافَقَك، فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ٣: ١٥٩، أَيْ ارْضَ بِهِ مِنْ الْعِبَادِ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ. إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ، وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ٣: ١٥٩- ١٦٠: أَيْ لِئَلَّا تَتْرُكَ أَمْرِي لِلنَّاسِ، وَارْفُضْ أَمْرَ النَّاسِ إلَى أَمْرِي، وَعَلَى اللَّهِ لَا عَلَى النَّاسِ، فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.

(مَا نَزَلَ فِي الْغُلُولِ) :

ثُمَّ قَالَ: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ، وَمن يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ، ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ٣: ١٦١: أَيْ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكْتُمَ النَّاسَ مَا بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ إلَيْهِمْ، عَنْ رَهْبَةٍ مِنْ النَّاسِ وَلَا رَغْبَةٍ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَأْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِهِ، ثُمَّ يُجْزَى بِكَسْبِهِ، غَيْرَ مَظْلُومٍ وَلَا مُعْتَدًى عَلَيْهِ «أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ ٣: ١٦٢» عَلَى مَا أَحَبَّ النَّاسُ أَوْ سَخِطُوا «كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ ٣: ١٦٢» لِرِضَا النَّاسِ أَوْ لِسَخَطِهِمْ. يَقُولُ: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى طَاعَتِي، فَثَوَابُهُ الْجَنَّةُ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَاسْتَوْجَبَ سَخَطَهُ، فَكَانَ «مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٣: ١٦٢» أَسَوَاءٌ الْمِثْلَانِ! فَاعْرِفُوا. «هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَالله بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ ٣: ١٦٣» لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ: أَيْ إنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَهْلُ طَاعَتِهِ مِنْ أَهْلِ مَعْصِيَتِهِ.

(فَضْلُ اللَّهِ عَلَى النَّاسِ بِبَعْثِ الرُّسُلِ) :

ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا من أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ، وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ٣: ١٦٤: أَيْ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْإِيمَانِ، إذْ بَعَثَ فِيكُمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِهِ فِيمَا أَحْدَثْتُمْ، وَفِيمَا عَمِلْتُمْ، فَيُعَلِّمَكُمْ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، لِتَعْرِفُوا الْخَيْرَ فَتَعْمَلُوا بِهِ، وَالشَّرَّ فَتَتَّقُوهُ، وَيُخْبِرَكُمْ بِرِضَاهُ عَنْكُمْ إذَا أَطَعْتُمُوهُ فَتَسْتَكْثِرُوا مِنْ طَاعَتِهِ وَتَجْتَنِبُوا مَا سَخِطَ مِنْكُمْ مِنْ مَعْصِيَتِهِ،