للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقُلْتُ لَهَا لَا تَجْزَعِي أُمَّ مَالِكٍ ... عَلَى ابْنَيْكَ إنْ عَبْدٌ لَئِيمٌ شَرَاهُمَا

(شِعْرُ خُبَيْبٍ حِينَ أُرِيدَ صَلْبُهُ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ مِمَّا قِيلَ فِي ذَلِكَ مِنْ الشِّعْرِ، قَوْلُ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ، حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ اجْتَمَعُوا لِصَلْبِهِ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لَهُ.

لَقَدْ جَمَّعَ الْأَحْزَابُ حَوْلِي وَأَلَّبُوا ... قَبَائِلَهُمْ وَاسْتَجْمَعُوا كُلَّ مَجْمَعِ [١]

وَكُلُّهُمْ مُبْدِي الْعَدَاوَةَ جَاهِدٌ ... عَلَيَّ لِأَنِّي فِي وِثَاقٍ بِمَصْيَعِ [٢]

وَقَدْ جَمَّعُوا أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ ... وَقُرِّبْتُ مِنْ جِذْعٍ طَوِيلٍ مُمَنَّعِ

إلَى اللَّهِ أَشْكُو غُرْبَتِي ثُمَّ كُرْبَتِي ... وَمَا أَرْصَدَ الْأَحْزَابُ لِي عِنْدَ مَصْرَعِي [٣]

فَذَا الْعَرْشِ، صَبِّرْنِي عَلَى مَا يُرَادُ بِي [٤] ... فَقَدْ بَضَّعُوا لَحْمِي وَقَدْ يَاسَ مَطْمَعِي [٥]

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ [٦]

وَقَدْ خَيَّرُونِي الْكُفْرَ وَالْمَوْتُ دُونَهُ ... وَقَدْ هَمَلَتْ عَيْنَايَ مِنْ غَيْرِ مَجْزَعِ [٧]

وَمَا بِي حِذَارُ الْمَوْتِ، إنِّي لَمَيِّتٌ ... وَلَكِنْ حِذَارِي جَحْمُ نَار ملفّع [٨]

فو الله مَا أَرْجُو [٩] إذَا مِتُّ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ فِي اللَّهِ مَصْرَعِي [١٠]


[١] ألبوا: جمعُوا، يُقَال: ألبت الْقَوْم على فلَان: إِذا جمعتهم عَلَيْهِ وحضضتهم.
[٢] كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول. وَفِي أ: «مضيع» .
[٣] أرصد: أعد.
[٤] فِي أ: «يرادنى» وَهُوَ تَصْحِيف.
[٥] وبضعوا: قطعُوا. وياس: لُغَة فِي يئس.
[٦] الشلو: الْبَقِيَّة. والممزع: المقطع.
[٧] هملت: سَالَ دمعها.
[٨] كَذَا فِي أ. والجحم (بِتَقْدِيم الْمُعْجَمَة على الْمُهْملَة) : الملتهب المتقد، وَمِنْه سميت الْجَحِيم.
وَفِي سَائِر الْأُصُول: «حجم» (بِتَقْدِيم الْمُهْملَة على الْمُعْجَمَة) وَهُوَ تَحْرِيف. وملفع: مُشْتَمل عَام، يُقَال: تلفع بِالثَّوْبِ، إِذا اشْتَمَل بِهِ.
[٩] أَرْجُو، أَي أَخَاف، وَهِي لُغَة، وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين فِي قَوْله تَعَالَى: مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً ٧١: ١٣» ، أَي لَا تخافون.
[١٠] فِي أ: «مضجعي» .