للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب: قول الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} ١.

وفي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: " لما حضرت أبا طالب الوفاة


قوله: باب "قول الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} ".
سبب نزول هذه الآية موت أبي طالب على ملة عبد المطلب، كما سيأتي بيان ذلك في حديث الباب. وإنك لتهدي
قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: يقول تعالى لرسوله: إنك يا محمد لا تهدي من أحببت، أي ليس إليك ذلك، إنما عليك البلاغ والله يهدي من يشاء. وله الحكمة البالغة، والحجة الدامغة، كما قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} ٢. وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} ٣.
قلت: والمنفي هنا هداية التوفيق والقبول فإن أمر ذلك إلى الله، وهو القادر عليه. وأما الهداية المذكورة في قول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ٤ فإنها هداية الدلالة والبيان، فهو المبيِّن عن الله، والدالُّ على دينه وشرعه.
وقوله: "في الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلي الله عليه وسلم وعنده عبد الله ابن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: يا عم قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله. فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي صلي الله عليه وسلم فأعادا. فكان آخرَ ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك. فأنزل الله عز وجل {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} ٥. وأنزل الله في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} .

<<  <   >  >>