للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يقدم عليه قول أحد كائنا من كان١. والواقع اليوم وقبله - ممن يتنسب إلى العلم من القضاة والمفتين -.

خلاف ذلك، والله المستعان.

وروى الدارمي في مسنده عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه كان يقول: " إنا لنجد صفة رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميته المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويتجاوز، ولن أقبضه حتى يقيم الملة المتعوجة بأن يشهد أن لا إله إلا الله، يفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا٢ ". قال عطاء بن يسار: وأخبرني أبو واقد الليثي أنه سمع كعبا يقول مثل ما قال ابن سلام٣.

قوله: "وأن عيسى عبد الله ورسوله" أي خلافا لما يعتقده النصارى أنه الله أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} ٤ فلا بد أن يشهد أن عيسى عبد الله ورسوله٥ على علم ويقين بأنه مملوك لله،


١ في قرة العيون: وأن لا تعارض بقول أحد؛ لأن غيره -صلى الله عليه وسلم- يجوز عليه الخطأ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد عصمه الله تعالى, وأمرنا بطاعته والتأسي به وتوعدنا على ترك طاعته بقوله تعالى: ٣٣: ٣٦ (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) الآية. وقال: ٦٣: ٢٤ (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) . قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك ; لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك". وقد وقع التفريط في المتابعة وتركها وتقديم أقوال من يجوز عليهم الخطأ على قوله صلى الله عليه وسلم لا سيما من العلماء كما لا يخفى.
٢ صحيح: الدارمي (١/٥) في المقدمة: باب صفة النبي في الكتب قبل مبعثه. وأخرجه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص في كتاب البيوع (٢١٢٥) : باب كراهية السخب في الأسواق ثم أشار إلى رواية ابن سلام هذه. وأخرجه الآجري في الشريعة ص (٤٤٩) من طريق آخر عن ابن سلام وإسناده صحيح.
٣ آخر روايه الدارمي "ج١ ص٥" وفي الرواية عن كعب: "نجده مكتوبا في التوراة".
٤ سورة المؤمنون آية: ٩١.
٥ في قرة العيون: فيه بيان الحق الذي يجب اعتقاده كما في الآيات المحكمات، وما فيها من الرد على كفار النصارى وهم ثلاث طوائف: طائفة قالوا: إن عيسى هو الله، وطائفة قالوا: ابن الله، وطائفة قالوا: ثالث ثلاثة. يعنون عيسى وأمه. فبين الله تعالى في كتابه الحق وأبطل الباطل فقال: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا) والآيات بعدها. وقال تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) في مواضع من سورة المائدة، وأخبر تعالى عما قاله المسيح عليه السلام وهو في المهد.

<<  <   >  >>