للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب " لا يقول عبدي وأَمَتي

في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، " لا يقل أحدكم أطعم ربك وضئ ربك، وليقل سيدي ومولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل فتاي وفتاتي وغلامي " ١.


قوله: "باب لا يقول: عبدي وأمتي".
ذكر الحديث الذي في الصحيح "عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا يقولن أحدكم: أطعم ربك، وضِّئْ ربك. وليقل: سيدي ومولاي. ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي ".
هذه الألفاظ المنهي عنها وإن كانت تطلق لغة، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها تحقيقا للتوحيد، وسدا لذرائع الشرك؛ لما فيها من التشريك في اللفظ؛ لأن الله تعالى هو رب العباد جميعهم. فإذا أطلق على غيره شاركه في الاسم، فينهى عنه لذلك. وإن لم يقصد بذلك التشريك في الربوبية التي هي وصف الله تعالى. وإنما المعنى أن هذا مالك له. فيطلق عليه هذا اللفظ بهذا الاعتبار. فالنهي عنه حسما لمادة التشريك بين الخالق والمخلوق، وتحقيقا للتوحيد، وبعدا عن الشرك حتى في اللفظ. وهذا من أحسن مقاصد الشريعة؛ لما فيه من تعظيم الرب تعالى، وبعده عن مشابهة المخلوقين، فأرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى ما يقوم مقام هذه الألفاظ. وهو قوله: "سيدي ومولاي" وكذا قوله: " ولا يقل أحدكم عبدي وأمتي "؛ لأن العبيد عبيد الله، والإماء إماء الله. قال الله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} ٢. ففي إطلاق هاتين الكلمتين على غير الله تشريك في اللفظ، فنهاهم عن ذلك تعظيما لله تعالى وأدبا وبعدا عن الشرك وتحقيقا للتوحيد. وأرشدهم إلى أن يقولوا: "فتاي وفتاتي وغلامي". وهذا من باب حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد، فقد بلّغ صلى الله عليه وسلم أمته كل ما فيه لهم نفع، ونهاهم عن كل ما فيه نقص في الدين. فلا خير إلا دلهم عليه، خصوصا في تحقيق التوحيد، ولا شر إلا حذرهم منه، خصوصا ما يقرب من الشرك لفظا وإن لم يقصد به. وبالله التوفيق.

<<  <   >  >>