للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: سد الذرائع في مضاهاة أفعال الله تعالى]

أفعال الله كثيرة، وهي مبينة أن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه ورازقه، وهو الذي يحييه ويميته ويدبر أمره، وهو أمر تشهد له الفطرة، ويذعن له العقل، وقد ذكر ربنا ذلك في آيات كثيرة من كتابه، كما نفى أن يكون لأحد معه شريك في الخلق والتكوين فقال سبحانه: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} ١٠

ويظهر احتياط الشرع لهذا النوع من التوحيد بذكر الأمثلة الآتية:

١- النهي عن تصوير ذوات الأرواح:

نهي الإسلام عن تصوير ذوات الأرواح سدَّا لذريعة المضاهاة في أفعال الله تعالى، وهي هنا الخلق، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة" ٢٠

قال النووي بعد ذكره لبعض الأحاديث الناهية عن التصوير:"وهذه الأحاديث صريحة في تحريم تصوير الحيوان وأنه غليظ التحريم، وأما الشجر ونحوه مما لا روح فيه، فلا تحرم صنعته ولا التكسب به وسواء الشجر المثمر وغيره، وهذا مذهب العلماء كافة إلا مجاهدا فإنه جعل الشجر المثمر من المكروه، وقال القاضي: لم يقله أحد غير مجاهد، واحتج مجاهد بقوله تعالى: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي واحتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم: "ويقال لهم أحيوا ما خلقتم"، أي اجعلوه حيوانا ذا روح كما ضاهيتم.."٣٠


١ المؤمنون / آية: ٩١.
٢ أخرجه البخاري في كتاب اللباس باب ٩٠ جـ١٠ / ٣٨٥، وكتاب التوحيد باب ٥٦ جـ ١٣ / ٥٢٨، ومسلم في كتاب اللباس باب ٢٦ جـ٣ / ١٦٧١.
٣ شرح النووي على مسلم جـ١٤ / ٩٠، ٩١.

<<  <   >  >>