للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لئن أشبه الناس في موته ... فقد عاش دهراً بلا مشبه

ومن أحاسن ما قيل في مرثية المصلوب قول ابن الأنباري:

علو في الحياة وفي الممات ... لحق أنت إحدى المعجزات

كأن الناس حولك حين قاموا ... وفود نداك أيام الصلات

كأنك قائمٌ فيهم خطيباً ... وكلهم قيامٌ للصلاة

مددت يديك نحوهم احتفاءً ... كمدهما إليهم بالهبات

أصاروا الجو قبرك واستنابوا ... عن الأكفان ثوب السافيات

لعظمك في النفوس تبيت ترعى ... بحراسٍ وحفاظٍ ثقات

وتشعل عندك النيران ليلاً ... كذلك كنت أيام الحياة

ركبت مطيةً من قبل زيدٍ ... علاها في السنين الماضيات

وتلك قضيةٌ فيها تأسٍ ... تباعد عنك تعيير العداة

أسأت إلى النوائب فاستثارت ... فأنت فتيل ثأر النائبات

وكنت تجير من صرف الليالي ... فعاد مطالبا لك بالتراب

ولو أني قدرت على قيامٍ ... بفرضك والحقوق الواجبات

ملأت الأرض من نظم القوافي ... ونحت بها خلاف النائحات

ولكني أصبر عنك نفسي ... مخافة أن أعد من الجناة

وما لك تربةٌ فأقول تسقى ... لأنك نصب هطل الهاطلات

عليك تحية الرحمن تترى ... برحماتٍ غوادٍ رائحات

ومن أحاسن ما قيل في مرثية الولد قول العتبي:

دعوتك يا بني فلم تجني ... فردت دعوتي بأسى عليا

بموتك ماتت اللذات عني ... وكانت حيةً إذ كنت حيا

فيا أسفي عليك وطول شوقي ... إليك لو أن ذلك رد شيا

وقوله أيضاً:

أبعد الشمل والنعم ... ة صيرت إلي القبر

فما يشهدك الأهلو ... ن إلا هيئة السفر

يزرونك في العيدي ... ن في الفطر وفي النحر

<<  <   >  >>